عن بعض الخصوصيّات المتخصّص بها مع عدم خروجه بذلك عن فرديّته. والموجود الواحد بما هو وجود ليس له وجه محبوب ولا وجه مبغوض إلّا باعتبار عناوينه كعنوان الغصب والصلاة والمفروض أنّهما متعدّدان ، فعلى تقدير القول بتعلّق الأحكام بالأفراد كما يمكن هنا القول بالامتناع فكذلك يمكن القول بالجواز لإمكان ملاحظة العنوانين والتفكيك بينهما.
قال شيخنا الأستاذ الأراكيّ قدسسره في بيان ذلك : مثلا قد يشار في الذهن إلى زيد بلحاظ أنّه زيد مع قطع النظر عن كونه ابن عمرو وقد يشار إليه بلحاظ أنّه ابن عمرو مع قطع النظر عن كونه زيدا وهو في كلا اللحاظين فرد وكذا الحال فيما نحن فيه فالحركة الخاصّة في الدار المغصوب قد يلحظ بعنوان هذا الغصب مع قطع النظر من حيث صلاتيّته وقد يلحظ بعنوان هذه الصلاة مع قطع النظر عن جهة غصبيّته ولا شكّ في أنّ هذين اللحاظين مغايران في الذهن والفرديّة في كليهما مع ذلك محفوظة (١).
وأمّا ما في المحاضرات من أنّ تشخص كلّ وجود بنفس ذاته وهويّته الشخصيّة لا بوجود آخر. بداهة أنّ كلّ وجود يباين وجودا آخر وكلّ فعليّة تأبى عن فعليّة أخرى ويستحيل اتّحاد إحداهما مع الأخرى وأمّا الأعراض الملازمة لهذا الوجود فلا يعقل أن تكون مشخّصة له ضرورة أنّ تلك الأعراض واللوازم أفراد للطبائع شتّى ولكلّ منها وجود وماهيّة فيستحيل أن تكون من مشخّصاته وإطلاق المشخّص عليها بمعنى على ضرب من المسامحة.
وعلى الجملة فكلّ وجود جوهريّ في الخارج ملازم لوجودات عديدة فيه وتلك الوجودات من أعراضه ككمّه وكيفه وأينه ووضعه ونحو ذلك ، ومن المعلوم أنّ لتلك الأعراض وجودات اخرى في مقابل ذلك الوجود الجوهريّ ومباينة له ، هذا من
__________________
(١) اصول الفقه : ج ١ ص ١٩٦ م