المذكور إنّما يكون معقولا وتترتّب عليه الثمرة إذا قيل بتعلّق الأحكام بالطبائع دون الأفراد (١).
وفيه أنّ التداخل في الأفراد الخارجيّة والمفروض أنّها لا تكون متعلّقة للأحكام إذ الخارج هو ظرف السقوط لا ظرف الثبوت وأمّا الطبائع الجزئيّة فهي كالطبائع الكلّيّة غير متداخلة والمفروض أنّها تكون متعلّقة للأحكام بناء على تعلّق الأحكام بالأفراد والأمر التخييريّ بالطبائع الجزئيّة بدون المندوحة غير متصوّر ، كما أنّ الأمر بالطبيعة الكلّيّة والاكتفاء بالواحدة مطلقا لا يكون بدون المندوحة فمع وجود المندوحة في كلا الصورتين لا وجه لتخصيص محلّ النزاع بصورة تعلّق الأحكام بالطبائع الكلّيّة.
هذا مضافا إلى أنّ مع تعلّق الأحكام بالأفراد لا يمكن تعلّق الحكم بكلّ فرد على حدة وبخصوصه لعدم تناهي الأفراد بل اللازم هو أن يكون الحكم متعلّقا بالطبيعة الكلّيّة مرآة إلى أفرادها وعليه فالأمر بالأفراد ناش من الأمر بالطبيعة الكلّيّة فإذا كان الأمر بالطبيعة الكلّيّة مع المندوحة كما يشهد له جواز الاكتفاء بكلّ فرد منها كفى ذلك في وجود المندوحة في تعلّق الأحكام بالأفراد بتبع تعلّقها بالطبائع أيضا فالأمر بالفرد المتداخل يكون مع المندوحة لتمكّنه من أن يمتثل الأمر المتعلّق بالأفراد في خارج الدار المغصوبة إذ لا يتعلّق الأمر بخصوص الفرد المتداخل فلا تغفل.
فتحصّل أنّ النزاع في جواز الاجتماع وعدمه لا يختصّ بما إذا تعلّقت الأحكام بالطبائع الكلّيّة بل يجري فيما إذا تعلّقت بالطبائع الجزئيّة أيضا.
التاسعة : أنّ محلّ الكلام عند الإماميّة الذين يقولون بتبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في اجتماع الأمر والنهي هو ما إذا كانا واجدين للمناط فيكون ملاك المحبوبيّة
__________________
(١) راجع نهاية النهاية : ج ١ ص ٢١٦.