في أحد العنوانين تماما بلا نقص كما أنّ ملاك المبغوضيّة في العنوان الآخر يكون كذلك فمورد الاجتماع ما إذا كان الأمر والنهي واجدين للمناط بخلاف مورد التعارض والعلم بكذب أحدهما فأنّه يؤوّل إلى كذب الجعل في أحد الطرفين ومقتضاه هو عدم وجود المناط إلّا في طرف واحد.
فحينئذ عند قيام الدليلين واختصاص الملاك بأحدهما وعدم معلوميّته يدلّ كلّ واحد من الدليل على نفي الآخر وليس هذا إلّا معنى التعارض فاللازم عند التعارض هو الأخذ بمقتضى القاعدة في باب التعارض فإن قلنا هناك بشمول أخبار العلاجيّة للعامين من وجه فلا بدّ من الأخذ بمرجّحات باب المعارضة وإن لم نقل بذلك فمقتضى الأصل هو التساقط والرجوع إلى عموم أو أصل في المسألة.
وأمّا مع وجود الملاكين أو احراز وجودهما من ناحية إطلاق الدليلين فلا تزاحم ولا تعارض بينهما على القول بالاجتماع لعدم المزاحمة بينهما مع تعدّد العنوان ولعدم التكاذب بينهما لعدم العلم الإجماليّ بعدم وجود أحدهما بل العلم أو العلميّ حاصل بوجودهما على المفروض ولا دلالة لكلّ واحد على نفي الآخر لفرض جواز الاجتماع ولكنّهما يتزاحمان على القول بالامتناع إلّا إذا كان مفادهما حكما اقتضائيا فلا تنافي بينهما على الامتناع أيضا ولكن ظاهر أدلّة الأحكام هو الحكم الفعليّ لا الاقتضائي.
وكيف كان ففي صورة تزاحم الملاكين بناء على الامتناع ذهب صاحب الكفاية إلى الحكم بالرجوع إلى مرجّحات باب المزاحمة وترجيح أقوى المناطين عند إحراز الاقتضاء من كليهما في المجمع كما قال في الأمر الثامن عند قوله وإلّا فلا تعارض في البين بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين إلخ (١)
__________________
(١) الكفاية : ج ١ ص ٢٤٢ ط قديم.