ومن الواضح أنّه لا يمكن على كلا التقديرين أمّا الأوّل فإنّه يلزم أن يكون الأمر بأحد الضدّين مشروطا بوجود الضدّ الآخر وهو يؤول إلى طلب الجمع بين الضدّين في الخارج لفرض أنّه أمر بإيجاد ضدّ على فرض وجود ضدّ آخر وهو محال لأنّه تكليف بالمحال.
وأمّا على الثاني فلأنّه يلزم أن يكون الأمر بالشيء مشروطا بوجوده في الخارج وهو محال لأنّه طلب الحاصل ضرورة أنّه لا يعقل أن يكون الأمر بالشيء كالصلاة مثلا مشروطا بوجوده.
وأمّا من ناحية الملاك فلأنّ ملاك الأمر إنّما يصلح للتقرّب به فيما إذا لم يكن مزاحما بالقبح الفاعليّ وإلّا فلا يكون صالحا للتقرّب فإنّ صحّة العبادة كما هي مشروطة بالحسن الفعليّ بمعنى أن يكون الفعل في نفسه محبوبا وحسنا فكذلك في مشروطة بالحسن الفاعليّ.
والمفروض فيما نحن فيه أنّ إيجادها من الفاعل ليس كذلك لأنّ الصلاة والغصب بما أنّهما تمزجان في الخارج بحيث لا يمكن الإشارة إلى أنّ هذه صلاة وذاك غصب فلا محالة يكونان متّحدين في مقام الإيجاد وموجودين بايجاد واحد ضرورة أنّ المكلّف بإيجاد الصلاة في الأرض المغصوبة أوجد أمرين أحدهما الصلاة والآخر الغصب لا أنّه أوجد الصلاة فحسب وعليه فلا محالة يكون موجدهما مرتكبا للقبح في إيجاده ومعه يستحيل أن يكون الفعل الصادر منه مقرّبا (١).
ولا يخفى ما في المناقشات المذكورة ، أمّا الأوّل فلأنّ مجرّد كون الغرض هو جعل الداعي لا يوجب تقييد المتعلّق بالحصّة الخاصّة شرعا لأنّ غايته هو الاستدلال العقليّ على لزوم كون المتعلّق مقدورا هذا مضافا إلى أنّ اعتبار القدرة شرعا على
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ٢١٦ ـ ٢١٠. نقلا من شيخه الاستاذ المحقّق النائينيّ قدسسره.