المصلّي عاصيا أيضا من جهة كونه غاصبا ومتصرّفا في الدار المغصوبة ، ولكنّ حيثيّة الصلاة غير حيثيّة الغصب وإن اتّحدا في الخارج.
فوجود الملاك يكفي في الحكم بالصحّة على القول بالامتناع وتقديم جانب النهي وقد عرفت أنّ تقديم جانب النهي يكون بحكم العقل من جهة أنّه لا بدل له لكون المنهيّ عنه طبيعة مرسلة بخلاف طبيعة المأمور ، به وهذا الحكم العقليّ لا يوجب سلب الملاك المستفاد من توجّه الأمر إلى الطبيعة إذ رفع اليد عن الأمر بسبب التزاحم وحكم العقل لا يوجب تقييد المادّة كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر ما في دعوى أنّه لا طريق لنا إلى إثبات وجود الملاك فإنّه كما يمكن أن يكون سقوط الحكم عنه من ناحية المانع يمكن أن يكون من ناحية عدم المقتضي والملاك ، ولا ترجيح ، بداهة أنّ الطريق إلى إحرازه منحصر في ثبوت الحكم وبعد سقوطه فلا طريق لنا إلى إحرازه أصلا.
لما عرفت من أنّ الأمر المتعلّق بالطبيعة يكشف عن الملاك وإنّما المزاحمة توجب رفع الأمر لا رفع الملاك ، ولا دليل على رفع الملاك بعد ثبوته بإطلاق الخطاب المنطبق على مورد الاجتماع.
هذا مضافا إلى إمكان أن يقال كما في تعليقة المحقّق الأصفهانيّ قدسسره أنّ كلا من الدليلين يدلّ بالمطابقة على ثبوت مضمونه من الوجوب والحرمة ويدلّ بالالتزام على ثبوت المقتضي والشرط وعدم المانع من التأثير وعدم المزاحم وجودا لمضمونه المطابقيّ فإذا كان أحد الدليلين أقوى دلّ على وجود مزاحم في الوجود لمضمون الآخر فيدلّ على عدم تماميّة العلّة من حيث فقد شرط التأثير ولا يدلّ على أزيد من ذلك ليكون حجّة في قبال الحجّة على وجود المقتضي في الآخر والدلالة الالتزاميّة تابعة للدلالة المطابقيّة وجودا لا حجية ودليلا فسقوط الدلالة المطابقيّة في الأضعف عن الحجيّة لا يوجب سقوط جميع دلالاته الالتزاميّة بل مجرّد الدلالة على عدم