المزاحم في الوجود والمانع عن التأثير (١).
وممّا ذكر يظهر ما في مناهج الوصول من المناقشة في وجدان الصلاة للملاك بناء على القول بالامتناع في صورة الجهل القصوريّ بعد حكمه ببطلان الصلاة مع العلم والعمد أو الجهل بالحكم تقصيرا.
بدعوى أنّ التضادّ بين ملاكي الغصب والصلاة إن رفع باختلاف الحيثيّتين رفع التضادّ بين الحكمين أيضا فلا محيص عن القول بالجواز ، فالقائل بالامتناع لا بدّ له من الالتزام بأنّ الحيثيّة التي تعلّق بها الأمر عين ما تعلّق به النهي حتّى يحصل التضادّ ومع وحدة الحيثيّة لا يمكن تحقّق الملاكين فلا بدّ وأن يكون المرجوح بلا ملاك فعدم صحّتها لأجل فقدانه ومعه لا دخل للعلم والجهل في البطلان والصحّة وبالجملة متعلّق الأمر والنهي بالذات عين حامل الملاك وهو مع وحدته غير معقول لحمل الملاكين ومع كثرته يوجب جواز الاجتماع ، ولو قيل بتعلّقهما بما هو فعل المكلّف خارجا فتصوّر الحيثيّتين الحاملتين للملاك الرافعتين للتضادّ يناقض القول بالامتناع من جهة التكليف المحال (٢).
وذلك لما عرفت من أنّ مصداقيّة مورد التصادق للتصرّف العدوانيّ والصلاة واضحة ومع وضوح مصداقيّته لهما يكون له ملاكان كلّ واحد باعتبار مصداقيّته للعنوان ولا تضادّ بينهما لتعدّد الحيثيّتين وإنّما التضادّ فيما إذا كانت الجهة واحدة.
والملازمة بين رفع التضادّ بين الملاكين باختلاف الحيثيّتين وبين رفع التضادّ بين الحكمين والقول بالجواز وإن كانت صحيحة لكونها كذلك واقعا وفي نفس الأمر ولكن لا مانع من أن يعتقد الامتناعيّ بعدمها بعد توهّمه أنّ مركب الأمر والنهي هو الفرد الخارجيّ لسراية الحكم من كلّ عنوان إلى معنونه الخارجيّ والفرد الخارجيّ وإن
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ٩١.
(٢) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٢٣ و ١٢٤.