وحيث إنّ موطن تعلّق التكاليف هو الذهن لا الوجود الخارجيّ أمكن تعلّق التكليفين بالعنوانين المتغايرين كما لا يخفى.
وأمّا القول الثاني فلوجوب ردّ المغصوب كما يدلّ عليه قوله عليهالسلام (المغصوب كلّه مردود) لا يقال إنّ الوجوب فيه إرشاديّ إذ لا عقوبة إلّا على التصرّف في المغصوب ، وترك الردّ لا عقوبة له على حدّة فلمّا كان الغصب حراما حكم العقل بردّ المغصوب تخلّصا من الحرام وقوله عليهالسلام (المغصوب مردود) إرشاد إليه.
لأنّا نقول مع إمكان إبقاء الأمر على ظاهره المولويّ لا وجه لحمله على الإرشاد ولا مانع من أن يكون الغاصب المأخوذ بأشقّ الأحوال مكلّفا بالردّ شرعا فإذا لم يردّ عوقب بعقابين أحدهما عدم الردّ والآخر هو الغصب فإذا كان ردّ المغصوب واجبا مولويّا فالخروج من مقدّمات ردّ المغصوب والقول بأنّ الحركات الخروجيّة مقدّمة للكون في خارج الدار وعنوان الردّ وإيجاد الخلاء في المكان والتخلّص والفراغ بين المال وصاحبه ليس عين عنوان الكون في خارج الدار بل هو ملازم له وجودا في الخارج ، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ حكم أحد المتلازمين لا يسري إلى اللازم الآخر فضلا إلى مقدّمته (١) مردود بأنّ ردّ المغصوب إذا كان واجبا وقلنا بوجوب ما يتوصّل به إليه لزم القول بوجوب الكون في خارج الدار إذ لا يتمكّن من الردّ إلّا بذلك ولو كان الكون ملازما له لا من مقدّماته ، وعليه فلا مانع من سراية الوجوب من الكون إلى مقدّمته وهو الخروج بناء على وجوب المقدّمات الموصلة كما اخترناه في محلّه فلا تغفل.
وهذا هو الذي ذهب إليه استاذنا المحقّق الداماد قدسسره حيث قال : ما ذهب إليه صاحب الفصول هو المتعيّن لما نجد في أنفسنا أنّنا نميل إلى المبغوض عند توقّف الأهمّ
__________________
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ٣٩٢ ـ ٣٩١.