عليه مثلا الإهانة تكون مبغوضة عندنا وإذا اضطررنا بسلوك طريق نعلم أنّ الناس أهانونا في هذا الطريق نريد السلوك من هذا الطريق لأهمّيّة ما يتوقّف عليه من دون فرق في ذلك بين أن يكون الاضطرار بسوء الاختيار وبين أن لا يكون كذلك ومن المعلوم أنّ المبغوض عند توقّف الأهمّ عليه يسقط من الفعليّة وإن بقيت العقوبة من جهة سوء الاختيار.
فإذا عرفت ذلك في الإرادة المباشريّة فكذلك يكون الأمر في الإرادة التشريعيّة ، مثلا أنّا نأبى من أن يضع الأجنبيّ يده على بدن زوجتنا ولكن إذا غرقت زوجتنا في البحر ولم نتمكّن من إنقاذها بل توقّف إنقاذها على أخذ الأجنبي إيّاها ووضع يده على بدنها نريد ذلك وسقط النهي والبغض عن الفعليّة لتوقّف الأهمّ عليه وهو حفظ نفس الزوجة ولو كان ذلك بسوء الاختيار وإنّما الباقي هو استحقاق العقوبة لمن أوجد الاضطرار بسوء الاختيار.
لا يقال أنّ ذلك يوجب أن يتغيّر الحكم باختلاف إرادة المكلّف فإذا لم يرد الدخول والخروج كان الخروج بتبع الدخول محرّما فعليّا وإذا أراد الدخول ودخل صار الخروج جائزا بل واجبا.
لأنّا نقول : إنّ الأحكام تتغيّر باختلاف الحالات لا بتبع إرادات المكلّفين فكما أنّ اختلاف الحالات توجب سقوط النهي عن الغصب فكذلك لا مانع من أن يتعلّق الإرادة أو الطلب بالمبغوض بعد سقوط النهي عن الفعليّة وصيرورة المبغوض شأنيّا إذ يرتفع المحذور (أي التكليف بما لا يطاق بعد سقوط النهي عن الفعليّة).
لا يقال : إنّ الخروج أمر وجوديّ وترك الغصب الزائد أمر عدميّ والأمر الوجوديّ لا يكون مقدّمة لأمر عدميّ فكيف يتعلّق بالخروج وجوب مقدّميّ.
لأنّا نقول : أوّلا إنّ البحث في المقام وهو الاضطرار إلى الحرام أعمّ ممّا إذا كان المضطرّ إليه أحد الضدّين اللذين لا يكون أحدهما مقدّمة لترك الآخر كما لا يكون ترك