أحدهما مقدّمة لوجود الآخر بل كلّ ضدّ مقارن مع عدم الضدّ الآخر.
لأنّ ما اضطرّ إليه ربّما يكون مقدّمة لأمر وجوديّ كشرب الخمر بالنسبة إلى نجاة نفس من ابتلى به عن الهلكة.
وثانيا : أنّه يكفي في صحّة تعلّق الوجوب بالخروج عدم التمكّن من ترك الغصب الزائد إلّا بالخروج ولو لم تكن الحركات الخروجيّة مقدّمة لترك الغصب بل كانت مقارنة له إذ الوجوب يسري من ذي المقدّمة إلى ما يتوصّل به إليه ولو لم يكن مقدّمة له (انتهى).
هذا مضافا إلى أنّ الخروج يكون أيضا مقدّمة لأمر وجوديّ وهو الكون في خارج الدار الملازم لردّ الغصب فلا يرد هذا الإشكال أصلا إذ الكون في خارج الدار أمر وجودي كما أنّ الردّ هو إيجاد الخلاء بين المال وصاحبه وهو أيضا وجوديّ.
وممّا ذكر يظهر أنّ توقّف ردّ الغصب على الخروج يوجب سقوط النهي في الخروج عن الفعليّة لأهمّيّة ردّ الغصب بالنسبة إليه ولكن حيث كان الاضطرار بسوء الاختيار تبقى العقوبة بالنسبة إليه.
فتحصّل أنّ الخروج مأمور به بناء على وجوب المقدّمات الموصلة مع جريان حكم المعصية عليه وهذا هو أقوى الوجوه واختاره صاحب الفصول وتبعه الأعلام ، من جملتهم سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره.
وأمّا القول الثالث وهو أن يكون الخروج واجبا من دون جريان حكم المعصية عليه فهو ظاهر البطلان من جهة أنّ الاضطرار لا يوجب رفع العقوبة بعد كون سببه سوء الاختيار عند العقلاء فمن ترك المسير إلى الحجّ بسوء الاختيار حتّى عجز عنه يصحّ عقابه عند العقلاء وإن كان عاجزا عن المسير بعد سوء الاختيار ، وبناء العقلاء يكفي في صحّة العقوبة ولا فرق في ذلك بين أن يكون الاضطرار إلى الحرام تكوينيّا كالمثال المذكور أو تشريعيّا كما في المقام لأنّ الخروج ممّا اضطرّ إليه