بحكم العقل فرار من أقبح الأمرين من البقاء والخروج.
وأمّا توهّم أنّ ملاك صحّة العقوبة هو اندراج المقام تحت قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار وعدم اندراجه كما ذهب إليه بعض الأعلام ففيه أوّلا أنّه لا حاجة إلى تلك القاعدة بعد ما عرفت من بناء العقلاء ، وثانيا أنّ القاعدة كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره أجنبيّة عن المقام لاختصاصها بالإيجاب والامتناع السابقين الحاصلين بإرادة الفاعل أنّهما لا ينافيان الاختيار بخلاف ما هو اللاحق له باعتبار تحقّقه ولا تحقّقه وفقدان مقدّمات وجوده فإنّه ينافي الاختيار (١).
وأمّا القول الرابع وهو أن يكون الخروج حراما فعليّا من دون كونه مأمورا به وواجبا كما ذهب إليه في مناهج الوصول (٢).
وقد مرّ أنّ المقدّمة الموصلة واجبة ومقتضاه هو وجوب الخروج إذ الوجوب يسري من ذي المقدّمة وهو ردّ المغصوب إلى ملازمه وهو الكون في خارج الدار ومنه إلى مقدّمته وهو الخروج.
ففيه ما لا يخفى لما عرفت من كون الخروج مقدّمة للواجب الأهمّ وهو وجوب ردّ المغصوب.
وأمّا الحرمة الفعليّة مع الاضطرار إلى الحرام فهي مستحيلة لأنّ التكليف الفعليّ بترك الخروج والغصب لجعل الداعي ومع عدم التمكّن من تركه لا يمكن حصول الداعي وإمكان الحرمة الفعليّة بالنسبة إلى العنوان الكلّىّ من المكلّف من دون لحاظ حالة المضطرّ لا يرفع المحذور عن خطاب المضطرّ بالنسبة إلى المضطرّ إليه.
ولعلّ سبب ذلك هو توهّم أنّ القضايا الكلّيّة غير شاملة لآحاد المكلّفين من جهة عدم صحّة خطاب العصاة لأنّ من يعلم بعدم تأثير الخطاب فيه لا يمكن البعث
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٤٧.
(٢) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٤٣.