والمبغوضيّة ليستا من الصفات القائمة بالموضوع خارجا كالسواد والبياض حتّى يكون المحبوب متّصفا بصفات خارجيّة بعدد المحبّين والله تعالى محبوب الأولياء ولا يمكن حدوث صفة حالة فيه بعددهم.
فالمحبوبيّة والمبغوضيّة من الصفات الانتزاعيّة التي يكون لهما منشأ انتزاع فلا بدّ من لحاظ المنشأ فإنّ المنتزع تابع لمنشئه في الوحدة والكثرة ، فنقول منشأ انتزاع المحبوبيّة هو الحبّ القائم بالنفس المتعلّق بالطبيعة التي هي وجه الخارج أو الوجود العنوانيّ كذلك أو الصورة التي في الذهن كذلك لأنّ الحبّ من الصفات الإضافية ولا بدّ في تشخّصه وتحقّقه من متعلّق ولا يمكن أن يكون الموجود الخارجيّ مشخّصا له لأنّه من الكيفيّات النفسانيّة فلا بدّ من أن يتشخّص بما هو حاضر لدى النفس بالذات وهو الصورة الحاصلة فيها ، ولمّا كانت الصورة وجها وعنوانا للخارج تضاف المحبوبيّة إليه ، ولهذا قد تنسب المحبوبيّة إلى ما ليس موجودا في الخارج مع امتناعه لو كان مناط الانتساب قيام صفة خارجيّة بالموضوع إلى أن قال ـ رحمهالله ـ.
فإذا كان الأمر كذلك يمكن أن يتعلّق الحبّ بعنوان والبغض بآخر فيكون الموجود الخارجيّ محبوبا ومبغوضا مع كون العنوانين موجودين بوجود واحد.
ألا ترى أنّ البسائط الحقيقيّة معلومة لله تعالى ومقدورة ومرضيّة ومعلولة له وهكذا (١).
ولعلّ لذلك قال في جامع المدارك : المعروف بطلان الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصبيّة إلى أن قال فإن كان نظر القائلين بالبطلان إلى الوجوه العقليّة فللنظر فيه مجال وإن كان الحكم مسلّما بين الأصحاب غاية الأمر ذكر الوجوه العقليّة تأكيدا فلا بدّ من الأخذ به (٢).
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ١٣٤.
(٢) جامع المدارك : ص ٢٧٨ و ٢٧٩.