ولو سلّمنا البطلان في صورة العلم والعمد لكان القول بالصحّة في الجهل أو النسيان أو الاضطرار محتاجا إلى أدلّة خاصة ولا كلام في قيامها بالنسبة إلى النسيان والاضطرار لحديث رفع النسيان ورفع ما اضطرّوا إليه وظاهرهما هو رفع شرطيّة الإباحة بسبب النسيان أو الاضطرار فإن قلنا بإطلاق الدليل بالنسبة إلى المقصّر وإلّا اختصّ الحكم بصورة القصور وعدم التقصير.
وأمّا الجهل بالحكم أو الموضوع فهو حكم ظاهريّ ما دام لم ينكشف الخلاف وأمّا مع كشف الخلاف قال في جامع المدارك : إن بنينا على صحّة الوجه العقليّ المتمسّك به لبطلان العبادة فالتفرقة بين صورة العلم والجهل مشكلة وإن بنينا على غيره من شبهة إجماع فلتفرقة الصورتين وجه لعدم التزام القائلين بالبطلان في صورة العلم به في صورة العذر (١).
وقال السيّد المحقّق الخوئي قدسسره في مستند العروة أمّا عدم البطلان في فرض الغفلة أو النسيان فظاهر لعدم كون التصرّف في المغصوب حراما حينئذ حتّى واقعا لامتناع توجيه التكليف إليه ومن هنا ذكرنا في محلّه أنّ الرفع (في حديث الرفع) بالنسبة إلى الناسي واقعيّ لا ظاهريّ فإذا لم يكن دليل النهي عن الغصب شاملا له وكان التصرّف المزبور حلالا واقعا شمله إطلاق دليل الأمر بالصلاة من دون معارض ولا مزاحم لصحّة التقرّب به بعد عدم كونه مبغوضا إلى أن قال : وأمّا في فرض الجهل فإن كان عن تقصير كما لو كانت الشبهة حكميّة قبل الفحص أو مقرونة بالعلم الاجماليّ بحيث كان الواقع منجّزا عليه من دون مؤمّن فلا ريب في البطلان حينئذ لإلحاق مثله بالعامد وهذا لا غبار عليه وإنّما الإشكال في الجاهل القاصر فالمشهور ذهبوا حينئذ إلى الصحّة لكنّه في غاية الإشكال ، وملخّص الكلام أنّهم استندوا في
__________________
(١) جامع المدارك : ج ١ ص ٢٨٠.