الحكم بالصحّة مع الجهل بأنّ الحرمة الواقعيّة ما لم تتنجّز ولم تبلغ حدّ الوصول لا تمنع عن صحّة التقرّب وصلاحيّة الفعل لأن يكون مشمولا لإطلاق دليل الأمر إذ التمانع في المتزاحمين متقوّم بالوصول فإذن لا مانع من فعليّة الأمر لسلامته عن المزاحم ومعه يقع العمل صحيحا إلى أن قال :
أقول : هذا إنّما يستقيم لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي وإنّ التركيب بين متعلّقهما انضماميّ ولا يسري الحكم من أحدهما إلى الآخر حتّى يندرج المقام في باب التزاحم إلى أن قال : وأمّا على القول بالامتناع وكون التركيب بينهما اتّحاديّا وأنّ متعلّق أحدهما عين متعلّق الآخر كما هو مبنيّ هذا القول فيخرج المقام حينئذ عن باب المزاحمة بالكلّيّة ويندرج في كبرى التعارض وبعد تقديم جانب النهي يكون المقام من مصاديق النهي عن العبادة ولا ريب حينئذ في البطلان من دون فرق بين صورتي العلم والجهل لوحدة المناط في كلا الصورتين وهو امتناع كون الحرام مصداقا للواجب واستحالة التقرّب بالمبغوض الواقعيّ فإنّ غاية ما يترتّب على الجهل هو المعذوريّة وارتفاع العقاب وكون التصرّف محكوما بالحلّيّة الظاهريّة وشيء من ذلك لا ينافي بقاءه على ما هو عليه من الحرمة الواقعيّة كما هو قضيّة اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين (١).
والذي يسهل الخطب هو ما عرفت من أنّ مقتضى القاعدة هو الصحّة على كلّ حال حتّى مع العلم والعمد ولا وجه لتسليم البطلان بحسب القاعدة وبعد لا حاجة في القول بالصحّة إلى قيام الأدلّة الخاصّة فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) مستند العروة : ج ٢ ص ١٥ ـ ١٨.