التنبيه الخامس : في الوجوه المذكورة لترجيح جانب النهي بناء على الامتناع وعدم تعدّد الحيثيّات
وقد عرفت أنّ على القول بجواز الاجتماع ووجود المندوحة يكون اللازم هو تقديم النهي جمعا بين الغرضين ومع عدم وجود المندوحة يقدّم الأقوى ملاكا إن كان وإلّا فمقتضى القاعدة هو التخيير وهكذا بناء على الامتناع والاعتراف بتعدّد الحيثيّات وعدم وجود المندوحة يحكم بتقديم الأقوى ملاكا إن كان وإلّا فالتخيير وأمّا بناء على الامتناع وعدم الاعتراف بتعدّد الحيثيّات فاللازم هو تقديم أحد الحكمين وقد ذكروا لترجيح أحد الحكمين وجوها :
منها أنّ النهي أقوى دلالة من دليل الوجوب فيستكشف بطريق الإنّ أقوائيّة مناط الحرمة دائما فيما إذا كان الدليل على كلّ واحد من الوجوب والحرمة لفظيّا ومتكفّلا للحكم الفعليّ.
وتوضيح ذلك كما أفاد شيخنا الأراكيّ قدسسره أنّ دلالة النهي على سراية الحرمة إلى جميع أفراد الطبيعة أقوى من دلالة الأمر على سريان الوجوب إلى جميعها وذلك لأنّ الأولى مسببة عن الوضع والثانية مستندة إلى الإطلاق بمعونة مقدّمات الحكمة والظهور الوضعيّ يقدّم على الظهور الإطلاقيّ عند التعارض.
ووجهه على ما قرّره شيخنا المرتضى قدسسره في مبحث التعادل والتراجيح من الرسائل أنّ انعقاد الظهور الإطلاقيّ متوقّف على مقدّمات تسمّى بمقدّمات الحكمة ومن جملتها عدم البيان ولا شكّ أنّ الظهور الوضعيّ هو البيان فيكون له الورود على الإطلاق بمعنى أنّه ينتفي بسببه موضوع الإطلاقي (١).
أورد عليه أوّلا كما أفاد شيخنا الاستاذ قدسسره أنّ الظهور الإطلاقيّ إنّما يتقوّم بعدم
__________________
(١) اصول الفقه : ج ١ ص ٢٢٠.