البيان المتّصل لا بعدم البيان المطلق ولو كان منفصلا بمعنى أنّ المتكلّم ما دام مشتغلا بالكلام لو لم يذكر ما يصلح للقيديّة ثمّ فرغ وكان سائر مقدّمات الحكمة موجودة انعقد من هذا الحين الظهور الإطلاقيّ لا أنّ انعقاده مشروط بعدم ورود البيان ولو بعد زمان فلو ورد بعد ذلك ظهور وضعيّ مناف له كان من باب التعارض بين الظهورين فلا بدّ من مراعاة الأقوى وربّما كان هو الإطلاقيّ ، وبالجملة فالحكم بتقديم الوضعيّ على الإطلاقيّ بمجرّد كونه إطلاقيّا وبطريق الكلّيّة ممنوع (١).
لا يقال : إنّ الأمر بالصلاة مثلا مع النهي عن الغصب واصلان إلينا معا فلا وجه لدعوى انعقاد الظهور الإطلاقيّ مع الظهور الوضعيّ مع كونهما واصلين إلينا معا لأنّا نقول : الملاك هو مجلس البيان فإذا صدر من الإمام الظهور الإطلاقيّ ولم يصدر معه الظهور الوضعيّ انعقد الظهور الإطلاقيّ ، نعم لو صدر قبل الظهور الإطلاقيّ ظهور وضعيّ فلا ينعقد الظهور الإطلاقيّ مع وجود الظهور الوضعيّ فتدبّر جيّدا.
وثانيا : كما أفاده سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره أنّ التزاحم لا يختصّ بمثل (صلّ) و (لا تغصب) حتّى يقال إنّ الاستغراق في النهي وضعيّ بخلاف الاجتزاء بأيّ فرد من أفراد الصلاة في (صلّ) فإنّه إطلاقيّ بل يعمّ مثل (أكرم العلماء) و (لا تكرم الفسّاق) مع إنّ الاستغراق في كلّ واحد منهما وضعيّ إذ المتزاحمان لا ينحصران في الظهور الإطلاقيّ والظهور الشموليّ بل يشملان الظهور الشموليّ والظهور الشموليّ كما إذا كان الطرفان موضوعين للاستغراق.
وثالثا : أنّ التفكيك بين الأمر والنهي في الدلالة والقول بأنّه في الأوّل تحتاج الدلالة إلى مقدّمات الإطلاق بخلاف النهي فإنّ الدلالة فيه وضعيّة ولا حاجة فيها إلى المقدّمات غير مسموعة بأنّ اسم الجنس موضوع لنفس الطبيعة بلا شرط وتنوين
__________________
(١) نفس المصدر.