التنكير لتقييدها بقيد الوحدة الغير المعيّنة لكن بالمعنى الحرفيّ لا الاسميّ وألفاظ النفي أو النهي وضعت لنفي مدخولها أو الزجر عنه فلا دلالة فيها على نفي الأفراد ولا وضع على حدة للمركّب فحينئذ تكون حالها حال سائر المطلقات في احتياجها إلى مقدّمات الحكمة فلا فرق بين (أعتق رقبة) و (لا تعتق رقبة) في أنّ الماهيّة متعلّقة للحكم وفي عدم الدلالة على الأفراد وفي الاحتياج إلى المقدّمات (١).
يمكن أن يقال كما مرّ في المبحث الرابع في وجه اختلاف الأمر والنهي في كيفيّة الامتثال إنّ منشأ ذلك هو كثرة الاستعمال ، قال سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره إنّ الطبيعة في متعلّق النهي مستعملة بكثرة الاستعمال في الطبيعة السارية بخلافها في متعلّق الأمر فالدلالة في ناحية النهي على الاستغراق مستندة إلى كثرة الاستعمال فلا حاجة إلى المقدّمات كما لا حاجة إليها في دلالة أدوات العموم كلفظة «كلّ» فإنّ العموم مستفاد منها لا من مقدّمات الحكمة في مدخولها وإلّا لما كان إليها حاجة إلّا إذا اريد التأكيد مع إنّ الوجدان قاض بخلافه فإنّ مثابة لفظة «كلّ» في الموارد التي ذكرت فيها مثابة لفظة «مطلقا» في مثل قوله (أكرم رجلا مطلقا) فكما أنّ لفظة «مطلقا» تفيد الإطلاق بالدلالة اللفظيّة فكذلك لفظة «كلّ» تدلّ على العموم بالدلالة اللفظيّة فلا تغفل.
هذا مضافا إلى إمكان دعوى كون الدلالة عقليّة كما ذهب إليها في الدرر واستشكل عليه في نهاية الدراية وأجاب عنه شيخنا الاستاذ الأراكيّ قدسسره وقد مضى تفصيله في المبحث الرابع المذكور فراجع ولا اريد الإطالة.
ومنها أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، أورد عليه في القوانين بأنّ الأمر دائر بين المفسدة والمفسدة إذ في ترك الواجب أيضا مفسدة.
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ٢٣٨ ـ ٢٣٧.