أجاب عنه في الكفاية بأنّ الواجب لا بدّ وأن يكون في فعله مصلحة ولا يلزم أن يكون في تركه مفسدة كما أنّ الحرام لا بدّ وأن يكون في فعله مفسدة لا في تركه مصلحة.
أورد عليه شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره بأنّه لا شكّ أنّ العقل النيّر كما يشمئزّ من فعل الحرام كذلك من ترك الواجب بلا فرق ، ألا ترى أنّك كما تبتهج بإنقاذ أحد متعلّقيك من الأخ والابن ونحوهما كذلك تسوء حالك من ترك إنقاذه (١).
يمكن أن يقال : إنّ الاشمئزاز من ترك الواجب من جهة فقدان مصلحة الواجب لا من مفسدة ترك الواجب وهكذا سوء الحال من ترك إنقاذ أحد من المتعلّقين من جهة فوت المصلحة وهو حفظ وجودهم وبقائهم.
هذا مضافا إلى ما مرّ سابقا من أنّ الترك يكون من الأمور العدميّة فلا يتّصف بشيء من الوجوديّات بل الإشكال على الوجه المذكور للترجيح هو الذي أفاده صاحب الكفاية من أنّ الأولويّة مطلقا ممنوعة بل ربّما يكون العكس أولى كما يشهد به مقايسة فعل بعض المحرّمات مع ترك بعض الواجبات خصوصا مثل الصلاة وما يتلو تلوها (٢).
هذا مضافا إلى أنّه لا دوران في محلّ الكلام لإمكان استيفاء كلا الغرضين بإتيان الصلاة في غير مورد الغصب وترك الغصب بجميع أفراده لأنّ المفروض هو وجود المندوحة فله التحرّز عن المفسدة مطلقا مع جلب المنفعة كما حكي عن فوائد صاحب الكفاية.
نعم لو كان العموم شموليّا من الطرفين لكان الدوران صحيحا كما لا يخفى.
ومنها : الاستقراء بدعوى أنّه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على جانب
__________________
(١) اصول الفقه : ج ١ ص ٢٢٣.
(٢) الكفاية : ج ١ ص ٢٧٧.