لما عرفت من أنّ الأخذ بالمقدّمات فيما إذا كان المتكلّم في مقام بيان تعديد موارد الحكم لا حكم المورد وعليه فلو شكّ في حكم سائر الموارد ولم يقم فيها دليل على ثبوت الحكم يجري فيه أصالة البراءة إذ لا مفهوم للكلام كما لا يخفى.
وأمّا الثاني أعني العدد
فقد قال الشيخ الأعظم قدسسره : الأقوى وفاقا لجمع كثير من أصحابنا ومخالفينا أنّه لا مفهوم في العدد بل وادّعى بعضهم وفاق أصحابنا فيه.
وتبعه في الكفاية حيث قال : إنّ قضيّة التقييد بالعدد منطوقا عدم جواز الاقتصار على ما دونه لأنّه ليس بذلك الخاصّ والمقيّد وأمّا الزيادة فكالنقيصة إذا كان التقييد به للتحديد به بالإضافة إلى كلا طرفيه نعم لو كان لمجرّد التحديد بالنظر إلى طرفه الأقلّ لما كان في الزيادة ضير أصلا بل ربما كان فيها فضيلة وزيادة كما لا يخفى.
وكيف كان فليس عدم الاجتزاء بغيره من جهة دلالته على المفهوم بل إنّما يكون لأجل عدم الموافقة مع ما أخذ في المنطوق كما هو المعلوم (١).
وعليه فلا ينافي مع دلالة دليل آخر على الاجتزاء بغيره إذ لا مفهوم كما لا يخفى.
ولا يخفى عليك أنّ المتكلّم إمّا لا يكون في مقام تحديد سنخ الحكم لا من طرف الأقلّ ولا من طرف الأكثر فلا دلالة للعدد على المفهوم لا من طرف الأقلّ ولا من طرف الأكثر فإذا قيل صم ثلاثة أيّام من كلّ شهر لا يدلّ على عدم استحباب صوم غير الثلاثة الأيّام وإنّما يدلّ على اختصاص الحكم المذكور في هذه القضيّة بثلاثة مذكورة فلا يعارض ما دلّ على استحباب غيرها لأنّ غير المذكور في هذه القضيّة مسكوت عنه فيها إذ هو خارج عن تحت الأمر المذكور في هذه القضيّة وانتفاء هذا
__________________
(١) الكفاية : ج ١ ص ٣٣١.