الطبيعة في العامّ تكون حاكية عن الأفراد ليس على ما ينبغي لأنّ العموم مستفاد من كلمة كلّ وجميع وغيرهما فهي ألفاظ العموم وبإضافتها إلى مدخولاتها يستفاد عموم أفرادها بالكيفيّة التي ذكرناها (١).
ولا يخفى عليك أنّ الطبيعة حاكية عن حصصها فيما إذا لم يكن النظر إليها من حيث هي هي أو من حيث كلّيّتها كقولنا النار محرقة فالنار في هذه الجملة حاكية عن مصاديقها وبهذه الملاحظة يصحّ إسناد الإحراق إليها وإلّا فنفس الطبيعة المتصوّرة في الذهن لا يحمل عليها الإحراق وتقدير المصاديق خلاف الظاهر والأصل.
بل الحكاية عن الحصص هي مقتضى كون الطبيعة صورة حاصلة ومنتزعة عن الجهة المشتركة بين المصاديق الخارجيّة كما أنّ الماهيّة الجزئيّة تحكي عن الخارج من جهة كونها صورة حاصلة وعلما والعلم نور ومنير لغيره فكذلك الطبيعة وأسماء الأجناس كما لا يخفى.
ودعوى أنّ الطبيعة تخالف الوجود والتشخّص وسائر عوارضها خارجا أو ذهنا مندفعة بأنّ المباحث العقليّة وإن تدلّ على أصالة الوجود وعدم أصالة للماهيّات ولكن موضوعات الأحكام الشرعيّة هي التي يراها العرف موجودة والعرف يرى الطبائع موجودة في الخارج نعم كلّ طبيعة حاكية عن حصصها لا عن عوارضها لعدم ارتباط بين الطبيعة وغير حصصها.
ولا مانع من ذلك لأنّ العموم والشمول حاصل بنفس حكاية الطبيعة عن حصصها.
وممّا ذكرناه يظهر ما في المحاضرات أيضا حيث قال إنّ العامّ معناه الشمول لغة وعرفا وأمّا اصطلاحا فالظاهر أنّه مستعمل في معناه اللغويّ والعرفيّ ومن هنا فسّروه
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.