الحجّة بخلافه هناك فإنّه بدونه لا حجّة فلا تغفل.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الفحص في العمومات التي تكون في معرض المخصّصات الموجودة موجب لتماميّة حجّيّتها بالفعل من دون تعليق فلو ورد مخصّص آخر بعد الفحص اللازم فلا يرتفع حجّيّة العمومات بل تصير مورد مزاحمة حجّة اخرى فيتقدّم الخاصّ على العامّ من جهة كونه أقوى لا من جهة كون الحجّيّة في العامّ معلّقة على عدم ورود الخاصّ.
ثمّ إنّ المناط المذكور في وجوب الفحص للأخذ بالعمومات يجري أيضا في الأخذ بالمطلق قبل الفحص عن المقيّد الموجود إذ لا يتمّ الحجّيّة في المطلق أيضا إلّا بعد الفحص وجريان أصالة التطابق فلا يجوز الأخذ بالمطلق قبل الفحص عن المقيّد الموجود وأمّا بعد الفحص صار المطلق كالعامّ حجّة فعليّة ولا يكون حجّيّته معلّقة على المقيّدات الواقعيّة بحيث لو ظفر بمقيّد بعد الفحص اللازم كشف عن عدم الحجّيّة بل يكون المقيّد مقدّما عليه من باب أقوى الحجّتين.
ولقد أفاد وأجاد في مناهج الوصول حيث قال وقد عرفت عدم حجّيّته عامّ ولا مطلق إلّا بعد الفحص وأمّا بعد الفحص المتعارف فيصيران حجّة فعليّة فلو عثرنا بعده على مقيّد ينتهي به أمد الحجّيّة ولا يكون المطلق معلّقا على عدم البيان الواقعي بحيث يكون العثور عليه كاشفا عن عدم حجّيّته وبالجملة لا فرق بين العامّ والمطلق من هذه الجهة (١).
ثمّ إنّ المناط المذكور لا يجري في حجّيّة الظاهر قبل الفحص عن معارضه لأنّ دليل اعتبار الظاهر لا نظر له بالنسبة إلى معارضاته فيشمله بعد أصالة الظهور أصالة التطابق وهو حجّة ولا يتوقّف حجّيّة الظاهر على الفحص عن معارضاته نعم هذه
__________________
(١) مناهج الوصول : ٢ / ٢٧٧.