وممّا ذكرنا يظهر أنّه لا يبقى مجال لما أفاده في الكفاية من الجواب عمّا ذهب إليه الشيخ قدسسره من تعارض الظاهرين من أنّ أصالة الظهور في طرف العامّ سليمة عن المعارض إذ لا أصالة الظهور في طرف الضمير بعد معلوميّة المراد وكون الشكّ في كيفيّة إرادة المراد من أنّه على نحو الحقيقة أو على نحو المجاز في الكلمة أو على نحو المجاز في الإسناد لعدم وجود بناء من العقلاء في هذه الصورة حتّى يؤخذ بها لاثبات أحد هذه الامور وعليه فمقتضاه هو تقديم الظهور في جانب العامّ لا تعارض الظاهرين وحصول الإجمال.
وذلك لأنّ الجواب المذكور يبتني على أنّ الدوران والتعارض بين الظاهرين مع أنّه ليس كذلك لأنّ الضمير مستعمل في المعنى العامّ وإنّما الكلام في أنّ التخصيص في الأخير والتصرّف في الإرادة الجدّيّة يوجب التخصيص في السابق أم لا فيدور الأمر بين التخصيصين والتخصيص الواحد والثاني هو القدر المتيقّن ولا وجه لرفع اليد عن ظهور العامّ في العامّ بعد كونه مستقلا وعليه فحديث كون أصالة الظهور لتعيّن المراد لا كيفيّة المراد أجنبيّ عن المقام وإن كان ما أفاده صحيحا في محلّه.
ثمّ ينقدح ممّا ذكرناه عدم صحة دعوى اكتناف الكلام بما يصلح للقرينيّة فيوجب الإجمال كما احتمله في الكفاية حيث قال بعد تقرير أنّ أصالة الظهور في طرف العامّ سالمة عن المعارض وتتقدّم على جانب الضمير لكنّه إذا عقد للكلام ظهور في العموم بأن لا يعدّ ما اشتمل على الضمير ممّا يكتنف به عرفا وإلّا فيحكم عليه بالإجمال ويرجع إلى ما يقتضيه الاصول (١).
وذلك لما عرفت من أنّ مفروض المقام هو ما إذا كان الكلام متكفّلا لحكمين مستقلّين كما في الآية الكريمة ومن المعلوم أنّ تخصيص الحكم الثاني لا يكون قرينة
__________________
(١) الكفاية : ١ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.