الإكرام ، كان المفهوم الثابت بالأولويّة القطعيّة مقدّما على العموم أيضا.
وأمّا إذا قدّم العموم على المنطوق وخرج الخادم الفاسق عن موضوع وجوب إكرام خدّام العلماء واختصّ الوجوب بإكرام الخدّام العدول لم يثبت الأولويّة إلّا وجوب إكرام العدول من العلماء دون فسّاقهم هذا هو حقّ القول في المفهوم بالأولويّة (١).
اورد عليه أوّلا بأنّ الكلام مفروض فيما لم يكن منافاة بين المنطوق والعامّ بذاتيهما مثل ما إذا ورد لا تكرم العلماء ثمّ ورد أكرم خدّام الفقهاء غير العلماء فإنّه يدلّ بالأولويّة على وجوب إكرام الفقهاء مع عدم التنافي بين المنطوقين إذ الخدّام المقيّد بعدم كونهم علماء مغاير مع موضوع العلماء ولا منافاة مع مغايرتهما موضوعا ولكن مع ذلك يكون نسبة المفهوم إلى العموم المذكور نسبة الخاصّ إلى العامّ لأنّ الفقهاء بعض العلماء وأيضا إذا ورد أكرم جهّال خدّام النحويّين ثمّ ورد لا تكرم الصرفيّين فإنّ المنطوقين لا يعارضان لتغايرهما موضوعا ولكن يعارض مفهوم قوله أكرم جهّال خدّام النحويّين وهو أكرم النحويّين مع عموم لا تكرم الصرفيّين بنحو العموم من وجه ففي هذا المورد أيضا لا منافاة بين المنطوق والعموم ولكن مع ذلك يكون بين المفهوم والعموم منافاة بنحو العموم من وجه وحيث كان المفهوم مدلولا بالأولويّة كان مقدّما على العموم وإن كانت النسبة بينهما هي العموم من وجه.
ويمكن الذبّ عنه بعد تسليم كون فرض الكلام فيما لم يكن منافاة بين المنطوقين بأنّ المنافاة وإن لم تكن بحسب ذات المنطوقين ولكن بسبب استلزام المنطوق للمفهوم يكون المنطوق أيضا منافيا مع العموم ومع منافاة المنطوق مع العموم فإن كان هو أقوى فهو المقدّم وإلّا فيتساقطان.
__________________
(١) أجود التقريرات : ١ / ٥٠٠.