اللهمّ إلّا أن يقال إنّ العبرة بالمنافاة الأصليّة لا العرضيّة إذ المنافاة الأصليّة حينئذ تكون بين المفهوم والعموم ومنافاة المنطوقين من باب الوصف بحال المتعلّق.
وثانيا بأنّ ملاحظة التعارض أوّلا بين المنطوق والعموم دون المفهوم أو بالعكس فيما إذا كان كلّ واحد من المنطوق والمفهوم منافيا مع العموم ليس في محلّه بل اللازم حينئذ هو ملاحظة المنطوق والمفهوم معا بالنسبة إلى العموم لأنّهما متوافقان في التعارض مع العموم ولا وجه لتقديم المنطوق على المفهوم كما ذهب إليه المحقّق النائيني ومن تبعه أو بالعكس كما يظهر من بعض آخر.
بل هما في عرض واحد يكونان متنافيين مع العموم لأنّ التعارض بعد وجود القضيّة وتماميّة مدلولها منطوقا ومفهوما وبعد تماميّة مدلولهما يكون المنطوق والمفهوم متعارضين مع العموم في عرض واحد.
وعليه فيعمل في كلّ من المنطوق والمفهوم بالنسبة إلى العموم بحسب ما يقتضيه القاعدة فالمفهوم مقدّم على العموم لكونه أظهر منه من جهة كونه مستفادا بالأولويّة وإن كانت النسبة بينه وبين العموم هي العموم من وجه.
والمنطوق مقدّم على العموم إن كانت النسبة بينه وبين العموم هي العموم والخصوص وإلّا فيتساقطان إن لم يكن أحدهما أقوى كما في سائر موارد المعارضة ولا منافاة بين سقوط المنطوق وتقدّم المفهوم على العموم.
ولا دليل على ملاحظة المنطوق أوّلا ثمّ ملاحظة المفهوم بعد كونهما معارضين في عرض واحد مع العموم ولذا لم نقل بانقلاب النسبة في محلّه ثم إنّ التبعيّة في الدلالة لا توجب التبعيّة في الحجّيّة وعليه فالأقرب هو ما ذهب إليه الشيخ قدسسره من أنّ المفهوم مقدّم مطلقا لكونه أقوى من جهة دلالة اللفظ عليه بالأولويّة.
نعم يختصّ تقديم المفهوم الموافق على العامّ بما إذا كان المفهوم بالأولويّة كقولك لا تكرم الفسّاق وأكرم خدّام العلماء فإنّ الثاني يدلّ بالأولويّة على إكرام العلماء.