وإذا كان بينهما أظهر في الفرض المذكور فهو المعوّل والقرينة على التصرّف في الآخر بنحو لا يخالف الأظهر بحسب العمل كحمله على الكراهة مثلا إذا ورد أنّه يجوز إكرام الشعراء في دليل وورد في آخر أكرم الشعراء بشرط كونهم عدولا فمفهومه هو لا تكرم الفسّاق من الشعراء فلو كانت دلالة قوله يجوز إكرام الشعراء أظهر يحمل المفهوم على الكراهة حتّى لا ينافي جواز إكرام الشعراء بحسب العمل (١).
يمكن أن يقال أوّلا إنّ عمدة الوجه في ثبوت المفهوم هو الاطلاق في إفادة الانحصار لاختصاص الوضع بمجرّد الاناطة وعليه فترديده بين أن يكون المفهوم وضعيّا أو إطلاقيّا مستدرك كما أنّ التفصيل والتشقيق بين وجود الارتباط بين ما دلّ على المفهوم وما دل على العموم وعدمه لغو بعد كون حكمهما واحدا وهو الإجمال وما في حكمه.
وثانيا : إنّا نمنع الإجمال في المتّصلين إذا كان أحدهما وضعيّا والآخر إطلاقيّا لأنّ الوضعيّ تنجيزيّ والإطلاقيّ تعليقيّ وهكذا نمنع الإجمال في المنفصلين فيما إذا كانت النسبة بينهما هي العموم والخصوص لوضوح تقديم الخاصّ على العامّ وإن كان مستفادا عن مقدّمات الإطلاق لانعقاد الظهور فيهما بعد فرض كون الكلامين منفصلين فلا وجه لدعوى الإجمال والرجوع إلى الاصول العمليّة على تقدير الانفصال وكون النسبة هي العموم والخصوص المطلق وعليه فالمفهوم المخالف مع الانفصال وكون النسبة هي العموم والخصوص مقدّم على العموم كما هو مقتضى القاعدة في المنطوقين.
والعجب من الشيخ الأنصاري قدسسره فإنّه تردّد في ذلك من جهة الترديد في أنّ الجملة الشرطيّة أظهر في إرادة الانتفاء عند الانتفاء بينهما أو العامّ أظهر في إرادة
__________________
(١) الكفاية : ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤.