وأجاب عنه المحقّق النائيني قدسسره بما حاصله بأنّ ما ذكروه في المقام إنّما نشأ من عدم تمييز أحكام القضايا الخارجيّة من أحكام القضايا الحقيقيّة وذلك لأنّ الحكم المجعول لو كان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الحقيقيّة لصحّ ما ذكروه وأمّا إذا كان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الحقيقيّة الثابتة للموضوعات المقدّر وجودها كما هو الواقع في أحكام الشريعة المقدّسة فلا مانع من نسخها بعد جعلها ولو كان ذلك بعد زمان قليل كيوم واحد أو أقلّ لأنّه لا يشترط في صحّة جعله وجود الموضوع له في العالم أصلا إذ المفروض أنّه حكم على موضوع مقدّر الوجود نعم إذا كان الحكم المجعول في القضيّة الحقيقيّة من قبيل الموقّتات كوجوب الصوم في شهر رمضان المجعول على نحو القضيّة الحقيقيّة كان نسخه قبل حضور وقت العمل به كنسخ الحكم المجعول في القضايا الخارجيّة قبل وقت العمل به في الكشف عن عدم كون الحكم المنشأ أوّلا حكما مولويّا مجعولا بداعي البعث أو الزجر.
فيختصّ النسخ بمعنى ارتفاع الحكم المولوي بانتهاء أمده بالقضايا الحقيقيّة غير الموقّتة وبالقضايا الخارجيّة أو القضايا الحقيقيّة الموقّتة بعد حضور وقت العمل بها وأمّا القضايا الخارجيّة أو الحقيقة الموقّتة قبل حضور وقت العمل بها فيستحيل تعلّق النسخ بالحكم المجعول فيها من الحكيم الملتفت (١).
اورد عليه المحقّق الأصفهاني قدسسره بأنّ القضيّة الحقيقيّة وإن لم يكن منوطة بوجود موضوعها خارجا لكنّها حيث كانت متكفّلة لإنشاء الحكم بداعي جعل الداعي فلا محالة يترقّب منها الدعوة عند وجود موضوعه وما كان بهذا الداعي يستحيل منه جعل آخر ولو بنحو القضيّة الحقيقيّة بحيث يكون مقتضاه عدم فعليّة الحكم سواء كان العمل موقّتا بوقت مخصوص كصوم شهر رمضان أو كان وقته حين فعليّة موضوعه
__________________
(١) راجع أجود التقريرات : ١ / ٥٠٧ ـ ٥٠٨.