الداعي لغوا فيستحيل أن يصدر اللغو من المولى الحكيم.
ولا فرق في ذلك بين كون القضيّة حقيقيّة أو خارجيّة إذ جعل الحكم مع علم الآمر بانتفاء شرط فعليّته لغو في كلتا الصورتين.
ودعوى أنّه لا يشترط في صحّة الجعل في القضايا الحقيقيّة وجود الموضوع له أصلا إذ المفروض أنّه جعل على موضوع مقدّر الوجود وعليه فلا مانع من نسخه بعد جعله ولو كان ذلك في زمان قليل كيوم واحد أو أقلّ وعليه فيمكن التفصيل بين القضايا الحقيقيّة الموقّتة فلم يجز نسخه قبل حضور وقت العمل به وبين القضايا الحقيقيّة غير الموقّتة فيجوز نسخه قبل ذلك.
مندفعة بما عرفت من أنّ القضيّة الحقيقيّة وإن كان موضوعها هو مقدّر الوجود ولكنّ الجعل بالنسبة إليه بداعي البعث الحقيقي مع علم الجاعل بانتفاء شرط امتثاله وعدم تمكّن المكلّف منه لغو لا يصدر عن الحكيم بل هو محال لأنّه جمع بين المتنافيين وعليه فلا فرق بين القضيّة الحقيقيّة غير الموقّتة وغيرها من القضايا في عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل.
قال في المحاضرات فكما أنّ أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط امتثاله وعدم تمكّن المكلّف منه مستحيل في القضايا الخارجيّة والموقّتة فكذلك مستحيل في القضايا غير الموقّتة من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلا ولا ندري كيف ذهب شيخنا الاستاذ قدسسره إلى هذا التفصيل المذكور (١).
نعم يمكن القول بإمكان وجود المصلحة في نفس الجعل في زمان وعدمه في آخر كما أفاد شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره ولكنّه بعيد وموهون لندرته فلا يعتنى باحتماله.
__________________
(١) راجع المحاضرات : ٥ / ٣١٧.