وبالجملة فمع لغويّة الجعل أو استحالته لا يتصوّر النسخ قبل حضور وقت العمل إذ لا بعث حقيقة مع علم الآمر بانتفاء شرط الامتثال فلا موضوع للرفع بل ولا للدفع كما لا يخفى.
فتحصّل أنّ بعد عدم إمكان النسخ ينحصر الأمر في التخصيص كما ذهب إليه في الكفاية (١).
لا يقال إنّ العموم والشمول أيضا مع علم الآمر بانتفاء شرط الامتثال غير معقول فلا مورد للتخصيص أيضا إذ لا عموم ولا شمول.
لأنّا نقول إنّ ذلك صحيح لو اريد من العموم هو العموم الواقعي وأمّا مع إرادة الظاهري منه فلا مانع منه إذ يجتمع العموم الظاهري مع التخصيص الكاشف عن عدم إرادته واقعا من أوّل الأمر هذا بخلاف النسخ فإنّه متفرّع على جعل الحكم الواقعي وإرادته واقعا وقد عرفت أنّ الجعل مع علم الآمر بانتفاء شرطه لغو أو مستحيل فلا يدور أمر الخاصّ فيما إذا ورد قبل حضور وقت العمل بالعامّ بين التخصيص والنسخ بل يختصّ بالتخصيص.
هذا مضافا إلى أنّه لا ثمرة تترتّب على كونه ناسخا أو مخصّصا من جهة أنّه على كلّ تقدير يكون العمل على طبق الخاصّ المتأخّر من حين صدوره كما أفاده في نهاية الأفكار (٢).
ولو سلّمنا دوران الأمر بينهما أمكن استظهار التخصيص أيضا بما في نهاية الدراية من أنّ ظاهر الخاصّ مثل قوله لا تكرم العالم الفاسق هو حرمة إكرام العالم الفاسق في الشرع وأنّه حكم إلهيّ في شريعة الإسلام لأنّ مدلوله أنّه حكم شرعيّ من
__________________
(١) الكفاية : ١ / ٣٦٨.
(٢) نهاية الأفكار : ١ / ٥٥٧.