جعل آخر يكون مقتضاه هو عدم فعليّة هذه الأحكام ضرورة أنّه جمع بين المتنافيين ، هذا مضافا إلى أنّه مع علم الجاعل بانتفاء شرط فعليّتها يكون جعلها لغوا محضا ويستحيل أن يصدر اللغو من المولى الحكيم الملتفت ولا فرق في ذلك بين كون القضيّة حقيقيّة أو خارجيّة ، فانحصر الأمر في التخصيص.
وثالثها : أن يكون الخاصّ متأخّرا عن العامّ وكان بعد وقت حضور العمل بالعامّ ، وقد فصّل في الكفاية بين ما إذا كان العامّ واردا لبيان الحكم الواقعيّ فيكون الخاصّ ناسخا للعامّ وبين ما إذا كان العامّ واردا لبيان الحكم الظاهري من باب ضرب القانون ، كما هو الشائع في غالب العمومات والخصوصات الواردة في الشرع فيكون الخاصّ مخصّصا.
ودعوى أنّ التخصيص موجب لتأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح ، لأنّه إمّا يوجب الوقوع في الكلفة والمشقّة من دون مقتض لذلك في الواقع ، كما إذا كان العامّ مشتملا على حكم إلزاميّ في الظاهر مع أنّ مورد التخصيص مشتمل على حكم ترخيصيّ.
أو يوجب إلقاء المكلّف في المفسدة ، كما إذا كان العامّ مشتملا على حكم ترخيصيّ في الظاهر ويكون مورد التخصيص محرّما.
أو يوجب تفويت المصلحة ، كما إذا كان العامّ مشتملا على حكم ترخيصيّ ويكون مورد التخصيص واجبا.
مندفعة بأنّ المصلحة الأقوى إذا اقتضت ذلك فلا قبح في ذلك أصلا ، والقبح في تأخير البيان عن وقت الحاجة حيث إنّه اقتضائيّ وليس علّة تامّة ، فلا مانع من تأخّره إذا اقتضت المصلحة الملزمة التي تكون أقوى ، كما أنّ التدرّج في بيان أصل الأحكام يكون كذلك.
لا يقال إنّ التخصيص في المقام يشبه النسخ في العمومات المذكورة ، لأنّ البعث