كان المذكور نكرة كما في قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) وبالجملة المعرفة ما دلّ على معنى معيّن وذلك التعيّن إمّا يكون لتعيّن المعنى مرامه كما في الأعلام الشخصيّة أو لضمّ ما يعيّنه كذلك إمّا في الخارج كما في الضمائر الراجعة إلى النكرات المعيّنة بحسب الواقع وأسماء الإشارة إذا اشير إليها إلى أن قال فما ذكره من أنّ التعريف في المعرّف بلام الجنس بغيره فيما مرّ لفظي ليس على ما ينبغي لما عرفت من ظهور الفرق بين الماهيّة المرسلة والمقيّدة بالحضور في الذهن ولو لا ذلك يجري ما ذكره في الموصولات والضمائر وأسماء الإشارة والمضاف إلى المعارف والقول بنفي التعريف عن جميع ذلك حينئذ خروج عن كلام القوم الخ (١).
ولا يخفى ما فيه فإنّ تقييد المعنى بالحضور في الذهن في أعلام الأجناس والمعرّفات باللام كما ترى إذ مقتضى التقييد بالأمر الذهنيّ هو عدم صحّة الحمل على الأفراد الخارجيّة مع أنّا نرى حملها عليها من دون حاجة إلى التجريد عن معانيها.
ولذا اورد عليها في الكفاية بأنّ ما ذهب إليه المشهور من أهل العربيّة من أنّه موضوع للطبيعة لا بما هي هي بل بما هي متعيّنة بالتعيّن الذهنيّ ممنوع بل هو موضوع لصرف المعنى بلا لحاظ شيء معه أصلا كاسم الجنس والتعريف فيه لفظيّ كما هو الحال في التأنيث اللفظي وإلّا لما صحّ حمله على الأفراد بلا تصرّف وتأويل لأنّه على المشهور كلّيّ عقلي هذا مع أنّ وضعه لخصوص معنى يحتاج إلى تجريده عن خصوصيّته عند الاستعمال لا يكاد يصدر عن جاهل فضلا عن الواضع الحكيم (٢).
ويمكن أن يقال إنّ ما ذهب إليه أهل الأدب لا يساعد التعريف اللفظيّ حيث ذهبوا إلى ترتّب أحكام التعريف المعنويّ على علم الجنس من صحّة جعله مبتدأ أو
__________________
(١) هداية المسترشدين : ٣٤٤.
(٢) راجع الكفاية : ١ / ٣٧٨.