بخصوص المورد.
وثانيا : أنّ برهان نقض الغرض قائم بحاله فإنّه إذا أراد المقيّد والمفروض أنّه بصدد أن يبيّن للمخاطب أنّه مراده بحيث لو سأل عن المخاطب أنّ مراد هذا المتكلّم هو المطلق أو المقيّد كان عالما ومجيبا بأحد الأمرين واكتفى مع ذلك بوجود هذا القدر المتيقّن الذي لا تبيّن فيه إلّا عن ذات المراد لا عن حدّه وأنّه بحدّ الإطلاق مرادا وبحدّ التقييد فقد أخلّ بالغرض من حيث إخفائه حدّ المراد وإن بيّن ذاته (١).
ولا يخفى عليك أنّ مراده أنّ لزوم الإخلال بالغرض على فرض إرادة المقيّد لو لم يبيّن حدوده يوجب الكشف عن كون مراده هو نفس الطبيعة مطلقا وكيف كان فالعمدة هو بناء العقلاء وفهم العرف في استكشاف الإطلاق والظهورات.
ومن المعلوم أنّ القدر المتيقّن سواء كان في مقام التخاطب أو في الخارج لا يضرّ بإطلاق الخطاب لأنّ العبرة في الإطلاق والتقيّد بالمأخوذ في متعلّق الحكم والمفروض أنّه مطلق ولا يمنع القدر المتيقّن المزبور عن الإطلاق ولا التفات لهم ببرهان نقض الغرض وإن لم يكن فعل المتكلّم خاليا عن الغرض فلا وجه لابتناء الاستدلال على الاطلاق أو التقييد على نقض الغرض لأنّ الظهورات العقلائيّة مبتنية على المقدّمات لا على البراهين العقليّة.
فتحصّل أنّ المقدّمات ثنائيّة لا ثلاثيّة بل المقدّمات منحصرة في المقدّمة الاولى بعد ما عرفت من أنّ المقدّمة الثانية من المحقّقات لا المقدّمات فليس للاطلاق إلّا مقدّمة واحدة وهي المقدّمة الاولى.
ثمّ إنّ المراد من المقدّمة الاولى هو أن يكون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد من الجهة التي هو في صدد بيانها ولا يضرّ بذلك عدم كونه كذلك بالنسبة إلى سائر
__________________
(١) اصول الفقه : ٣ / ٣٩٠.