حرفيّ يحكي عن صدور المجيء عن فاعله والصدور الحرفيّ المحكيّ بها مطلق من حيث كون الفاعل ضاحكا مثلا أم لا وإذا قلت يجىء زيد غدا ضاحكا فكونه ضاحكا قيد لمفاد الهيئة وهو معنى حرفيّ وهكذا الأمر في قول المولى صلّ ركعتين وقوله صلّ قائما إلى غير ذلك.
وتوهّم رجوع القيد إلى الفاعل أو المادّة كاشف عن اعوجاج الذهن فإنّه لا يرتاب أحد في أنّ مفاد العبارة الحكاية عن أنّ صدور العمل عنه كان في هذه الحالة والصدور معنى يحكي عنه الهيئة لا الحكاية عن صدور العمل عن زيد الضاحك أو عن العمل المتّصف بكون فاعله قائما قد صدر عنه وهكذا الأمر في جانب الأمر به مطلقا ومقيّدا وفي سائر المعاني الحرفيّة مطلقة أو مقيّدة (١).
ولقائل أن يقول إنّ الضاحك حال عن الفاعل لا حال عن الفعل وهو الصدور إذ اللازم حينئذ أن يقال يصدر المجيء عن زيد في حال الضحك لا ضاحكا إذ الضاحك هو الإنسان لا فعله.
ثمّ إنّ لحاظ المعاني الحرفيّة بالنظر الثاني كما يكفي في الإطلاق والمتقيّد فكذلك يكفي في وقوعه موضوعا أو محمولا ولذا يصحّ أن يقال أنّ المعاني الحرفيّة لا يخبر عنها مع أنّها لا استقلال لها.
والحاصل أنّه لا يختصّ التقييد بالمعاني الاسميّة والأفراديّة بالوجدان إذ يجوز تقييد المعاني الحرفيّة والجمل والمعاني التركيبيّة أيضا ولذا تكون الجمل الجزائيّة مقيّدة ومنوطة بالجمل الشرطيّة وهكذا القضايا الحمليّة مقيّدة بالجهات من الضروريّة وغيرها وذلك لأنّ الالتفات إلى الجملة وتقييدها ممكن باللحاظ الثاني ومع إمكانه لا وجه لتخصيص التقييد بغير المعاني الحرفيّة والجمل كما لا يخفى.
__________________
(١) تسديد الاصول : ١ / ٥٥٥ ـ ٥٥٦.