إلى الحكم الواقعي ، وقد عدل في الكفاية عن هذا التقسيم وجعله تقسيما ثنائيّا باعتبار جعل الحكم المتعلّق للقطع أعمّ من الواقعيّ والظاهري لعدم اختصاص أحكام القطع بما إذا كان متعلّقا بالحكم الواقعي وقال : فاعلم أنّ البالغ الذي وضع عليه القلم إذا التفت إلى حكم فعليّ واقعيّ أو ظاهريّ فإمّا أن يحصل له القطع به أولا؟ وعلى الثاني لا بدّ من انتهائه إلى ما استقلّ به العقل من اتّباع الظنّ لو حصل له وقد تمّت مقدّمات الانسداد على تقديم الحكومة ، وإلّا فالرجوع إلى الاصول العقليّة من البراءة والاشتغال والتخيير (١).
ولا يخفى عليك أنّ التقسيم المذكور تقسيم لمحتوى الكتاب ، أيضا ولكن ذكر هذا التقسيم بعد المقصد السادس الذي يكون مختصّا ببيان الأمارات غير مناسب ؛ لما عرفت من اختصاص المقصد السادس بالأمارات ، فلا وجه لذكر الاصول العمليّة من تقسيماته ، فالأولى هو ذكر هذا التقسيم قبل المقصد السادس في ابتداء الكتاب كما ذكره الشيخ كذلك ، هذا ، مضافا إلى أنّ عدم اختصاص أحكام القطع بالحكم الواقعي لا يوجب الإلزام بالتقسيم الثنائي لجواز التقسيم الثلاثي بتفكيك الأمارات عن الاصول العمليّة النقليّة ، بل ذكر الاصول العملية النقلية على حدّة يكون أنسب.
وعليه فلا إشكال في تقسيم الشيخ عدا ما يقال في مجرى الاستصحاب من أنّه لا يختصّ بالأحكام الإلزاميّة ؛ لجريان الاستصحاب في الوضعيّات والموضوعات الخارجيّة والأحكام التكليفيّة غير الإلزاميّة ، مع إمكان أن يقال إنّ المراد من التكليف هو الأعمّ من الإلزاميّ والوضعي وأن يكون بنفسه حكما تكليفيّا أو موضوعا للحكم التكليفي.
وعدا ما يقال في مجرى البراءة من أنّ جعله مطلق ما إذا لم يعلم بالتكليف
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٥ ، ط ـ قديم.