يكن بمعنى الوسطيّة حجّة ، لأنّ القطع اذا تعلّق بوجوب شيء ، مثلا يقال هذا واجب وكلّ واجب يحرم ضدّه أو يجب مقدّمته ، ولا يقال هذا معلوم الوجوب وكلّ معلوم الوجوب يكون كذا ، لأنّ آثار الأحكام مترتّبة على نفس الأحكام لا على العلم بها ، وكذلك العلم بالموضوعات ، فإنّه إذا قطع بخمريّة شيء ، يقال «هذا خمر ، وكلّ خمر يجب الاجتناب عنها» ، ولا يقال «هذا معلوم الخمرية وكلّ معلوم الخمريّة حكمه كذا» لأنّ أحكام الخمر إنّما تثبت للخمر لا للعلم بها ، نعم يجوز أخذ القطع موضوعا لحكم آخر ويقال إنّ الشّيء المعلوم بوصف كونه معلوما يكون حكمه كذا فالعلم حينئذ يكون وسطا بمعناه الاصطلاحي لثبوت الحكم الآخر. هذا مضافا إلى أنّه لو كان معنى الحجّة هو الوسط للإثبات بمعناه المنطقي لا تشمل الظّنون الخاصّة والمطلقة كما لا تشمل القطع بالشّرح الماضي ، لأنّ الأحكام تعلّقت بالعناوين الواقعيّة لا بقيد الظّن أو العلم بها ، فالظّن والعلم لا يكونان أوساطا ، ومع ذلك يصحّ أن يحتجّ بهما ، كما لا يخفى.
ودعوى خروج البحث عن القطع عن مسائل علم الاصول التي تكون نتيجتها موجبة للقطع بالوظيفة العقليّة ، لأنّ القطع بالوظيفة بنفسه نتيجة ، لا أنّه موجب لقطع آخر بالوظيفة.
مندفعة بأنّ التعاريف المذكورة لموضوع علم الاصول ، تعاريف تقريبيّة وغالبيّة ، والموضوع الحقيقيّ لعلم الاصول هو ما يصلح ؛ لان يحتجّ به في الفقه وهو لا يختصّ بالقواعد المذكورة بل هو أعمّ منها وأنسب بغرض التدوين ، وهو ما يفيد في مقام الاحتجاج.
الأمر الثالث :
أنّ موضوع المقصد السّادس وهو القطع والأمارات مباين مع موضوع المقصد السّابع ، وهو الاصول العمليّة ، ومع المباينة لا وجه لجعل أحدهما مقسما للآخر. نعم لا بأس بجعل الكتاب المشتمل على المقاصد مقسما لأحكام القطع والظّنّ والشّكّ وهو