تضادّ كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر ما في الدرر من أنّ الذي يقوى في النظر عدم كونه قبيحا أصلا فإنّا إذا راجعنا وجداننا لم نر شرب الماء المقطوع خمريّته إلّا على ما كان عليه واقعا قبل طروّ عنوان القطع المذكور عليه ، والذي أوقع مدّعي قبح الفعل في الشبهة كون الفعل المذكور في بعض الأحيان متّحدا مع بعض العناوين القبيحة كهتك حرمة المولى والاستخفاف بأمره تعالى شأنه وأمثال ذلك ممّا لا شبهة في قبحه وأنت خبير بأنّ اتّحاد الفعل المتجرّى به مع تلك العناوين ليس دائميّا لأنّا نفرض الكلام فيمن أقدم على مقطوع الحرمة لا مستخفّا بأمر المولى ولا جاحدا لمولويّته بل غلبت عليه شقوته كإقدام فسّاق المسلمين على المعصية. ولا إشكال في أنّ نفس الفعل المتجرّى به مع عدم اتّحاده مع تلك العناوين لا قبح فيه أصلا (١).
وذلك لأنّ الإهانة والهتك لا تنفكّ عن المخالفة مع أمر المولى ولو كان داعيه في المخالفة هو الشقوة لا المعاندة ولكن مع ذلك هو هتك
وبعبارة اخرى كما في تسديد الاصول : تمام الملاك لكون الفعل لا مبالاة هتكا بالمولى عدم القيام مقام الإطاعة لما يراه واجبا أو حراما ، وهو لا يتوقّف على أزيد من الإتيان بفعل يقطع بكونه معصية للمولى ، ولا يحتاج إلى قصد هتك جناب المولى بعنوانه ، بل إذا دعاه شقوته إلى العمل لكان عمله هتكا لحرمة المولى ومصداقا للمعصية مع الإصابة وللتجرّي مع الخطأ ، فلا يرد عليه ما في الدرر. (٢)
ولقد أفاد وأجاد في الوقاية حيث قال : وقد علمت أنّ هذه العناوين ممّا لا ينفكّ عن التجرّي وعن المعصية الواقعيّة وأنّها هي المناط في استحقاق العاصي
__________________
(١) الدرر : ٣٣٧ ، ط ـ جديد.
(٢) تسديد الاصول ٢ : ١٤.