للعقاب ، كما أنّ العناوين المقابلة لها من احترام أمر المولى والانقياد له بمعناه اللغوي ونحوهما ممّا لا ينفكّ عنها الانقياد الاصطلاحي والإطاعة الواقعيّة ، ولولاه ما استحق ذلك عقابا ولا هذا ثوابا بل هما معنى الإطاعة والعصيان والمناط في القرب والبعد ، فالتجرّي مصداق لهذه العناوين ومحقّقها في الخارج ولا ملازم معها. ومنه يظهر استحالة الفرض الذي فرضه أعني المتجرّي غير المستخفّ ، إلّا أن يريد من هذه العناوين ما يزيد على الحاصل منها بنفس التجرّي ، ولا يناسب ذلك إلّا الردّ على من أراد تكفير المتجرّي لا الحكم عليه باستحقاق العقاب (١).
لا يقال : إنّ الجرأة على المولى إنّما تكون من الصفات النفسانيّة والأحوال العارضة للنفس ، ولا يكون لها مصداق في الخارج أصلا ، بل هو نظير العلم والإرادة وغيرهما من الصفات التي محلّها النفس. نعم يكون الإتيان بالفعل المتجرّى به كاشفا عن تحقّقه فيها ومظهرا لثبوته ، ولا يكون مصداقا له كما هو واضح. وحينئذ فلا وجه لسراية القبح إليه بعد كونه مصداقا حقيقيّا لبعض العناوين غير المحرّمة. (٢)
لأنّا نقول :
أوّلا : إنّه ينتقض بالتعظيم ونحوه من مقابلات الهتك ، فكما أنّ نفس الفعل المأتيّ به للتعظيم محكوم بالوجوب والحسن فكذلك نفس الفعل المتجرّى به محكوم بالحرمة والقبح.
وثانيا : إنّ لازم ذلك هو عدم حرمة الهتك مطلقا ، لأنّ كلّ هتك يحكي عن الجرأة على المولى ، وهي من الصفات النفسانيّة والأحوال العارضة للنفس ، ولا يكون لها مصداق في الخارج ، فلا وجه لسراية القبح إلى الفعل الخارجي مع كونه
__________________
(١) الوقاية ١ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.
(٢) معتمد الاصول : ٣٨٣.