مصداقا حقيقيّا لبعض العناوين غير المحرّمة ، بل المحبوبة كالتكبير حال خطابة المولى للإخلال بخطبته ، وهو كما ترى ؛ لشهادة الوجدان على أنّ نفس الفعل المأتيّ به للإخلال مصداق للإهانة ، وهو كاف للحكم بالقبح والحرمة ولو كان الفعل المذكور مثل التكبير محبوبا في نفسه ، فنفس التكبير المذكور باعتبار كونه مصداقا للهتك قبيح ، وكشف هذا الهتك عن سوء السريرة وطغيان النفس لا ينافي صدق الإهانة على نفس الفعل وكفايته في الحكم بالقبح والحرمة.
ويشهد له وجدان الفرق بين حاله قبل الإتيان بالفعل وبين حاله بعده ، والذمّ في الأوّل راجع إلى خلقه ، وفي الثاني راجع إلى فعله ، كما قال في الوقاية ويرشدك إليه حكم الوجدان بالفرق الواضح بين من علم سوء سريرته بإتيان ما يقطع بحرمته وبين من علم منه ذلك بعلم الرمل مثلا وبين حاله قبل الإتيان به وبين حاله بعده والذمّ في الأوّل متوجّه على خلقه وفي الثاني على فعله ، وشتّان بين ذمّ الشخص وبين ذمّ الفعل. (١)
ثم إنّ المنقول عن سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره في تهذيب الاصول أنّه سلّم انطباق الهتك والظلم على الخارج ، وإنّما استشكل فيه من ناحية عدم الملازمة بينهما وبين التجرّي (٢).
وقد مرّ أنّا نمنع عدم الملازمة ؛ إذ لا تفكيك بين الهتك والظلم والتجرّي ، بل التجرّي مصداق لهذه العناوين لا أنّه ملازم لها ، فتدبّر جيّدا.
فتحصّل : أنّ الفعل المتجرّى به أو العزم المتعقّب بالفعل مصداق للهتك والإهانة ، ومندرج تحت عنوان الظلم ، ويحكم العقل باستحقاق العقوبة عليه.
__________________
(١) الوقاية : ٤٥٧.
(٢) تهذيب الاصول ٢ : ١٦.