يبغضه ولكن لم يتحقّق منه أي عمل خارجيّ أصلا لمانع أقوى منه ، كما لو أراد أن يسبّ المولى فأغلق شخص فمه ومنعه عن التفوّه بأيّ كلمة فإنّه لا إشكال في صدق التجرّي والهتك وغيرهما من العناوين المتقدمة على مجرد كون العبد في مقام الخروج عن العبوديّة وبصدد مخالفة المولى ومجرّد الجري النفسي على طبق الصفة الكامنة في النفس الّذي عبّر عنه صاحب الكفاية بالعزم على الفعل ، وإذا فرض صدق هذه العناوين على العمل النفسي في مورد لا يكون هناك عمل في الخارج كشف ذلك عن أنّ هذه العناوين ليست من عناوين الخارج ، بل من عناوين النفس ، وعليه ففي المورد الذي يصدر منه عمل خارجي لا يصدق التجرّي على العمل الخارجي ؛ إذ الجري النفسي وكونه في مقام العصيان أمر سابق عليه. وقد عرفت أنّ التجرّي يصدق عليه. (١)
مندفعة بأنّ الفعل في المثال المذكور كفعل الأبكم ، فإنّ إشاراته تقوم مقام الفعل مع وجود المانع ، ويكون قبح العزم والإرادة فيه ناش عن إشاراته التي تقوم مقام الفعل ، وإلّا فقد عرفت من أنّ مجرد العزم والإرادة لا يكون مخالفا للتكليف ؛ إذ لم يرد تكليف بعدم العزم والإرادة كقوله «لا تعزموا».
التنبيه الثاني : في الأدلّة النقليّة التى يمكن الاستدلال بها فى المقام وهي طائفتان الطائفة الاولى هي التى يمكن الاستدلال بها على حرمة نفس القصد والعزم على المعصية وهى مشتملة على الآيات والروايات.
فمن الأولى قوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٢).
__________________
(١) منتهى الاصول ٤ : ٥١.
(٢) القصص : ٨٣.