بتقريب أنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ الآخرة للّذين لا إرادة لهم بالنسبة إلى العلوّ والفساد ، فيستفاد منها أنّ إرادة العلوّ والفساد مبغوضة وموجبة للمحروميّة.
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) لدلالته على أنّ محبّة إشاعة الفحشاء سبب للعذاب
وقوله عزوجل (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٢) لدلالته على أنّ ما في الأنفس من النيّات مورد المحاسبة والمؤاخذة ، إذا كانت نيّات للمعاصي ،
وقوله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٣) بتقريب أنّ نسبة القتل إلى المخاطبين مع تأخّرهم عن زمن القاتلين بكثير ليس إلّا من جهة رضاهم بقتلهم ، فالرضا بالقتل موجب لإسناد القتل إليهم أيضا ، ومن المعلوم أنّ ما يوجب إسناد القتل لا يخلو عن المؤاخذة ، وإلى غير ذلك من الآيات الكريمة الدالّة على استحقاق المؤاخذة والمحاسبة والعذاب والمحروميّة من دار الآخرة بسبب العزم والإرادة والرضا بالنسبة إلى المعاصي وإشاعة الفحشاء وغير ذلك من المنكرات.
ومن الثانية ما رواه في الكافي بسند موثّق عن النوفلي عن السكوني عن ابي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، «نيّة المؤمن خير من عمله ، ونيّة الكافر شرّ من
__________________
(١) النور : ١٩.
(٢) البقرة : ٢٨٤.
(٣) آل عمران : ١٨٣.