التنبيه السابع :
أنّه إذا عصى العبد مولاه بسبب غلبة شقوته استحقّ العقوبة بنفس المخالفة ، فإنّه هتك لمولاه وجرأة عليه وخروج عن زيّ العبوديّة وإن لم يقصده باللحاظ الاستقلاليّ ، وإذا قصد مع ذلك عنوان التجرّي والمعصية باللحاظ الاستقلالي يتعدّد سبب الاستحقاق للعقوبة ؛ لأنّه حينئذ ارتكب هتكين : أحدهما : هو الإتيان بالمنهيّ أو ترك المأمور به مع أنّهما هتك بنفسهما وإن لم يكن داعية إلّا غلبة شقوته. وثانيهما : هو قصد الهتك والتجرّي بالفعل الحرام أو ترك المامور به خارجا ، ومن المعلوم أنّهما عنوانان ، ومقتضاهما هو تعدّد استحقاق العقوبة.
ودعوى التداخل في الأسباب غير مقبولة إذا كان المسبّب قابلا للتكرّر كما قرّر في محلّه.
لا يقال : إنّ من العناوين المبغوضة ما يكون مقدّمة لما هو أشدّ مبغوضيّة وقبحا ، فعلى تقدير ترتّبه عليها لا يلاحظ إلّا بلحاظ المقدّميّة المحضة ، ولا يوصف إلّا بالحرمة الغيريّة ، وتكون مبغوضيّتها وعقابها مندكّة فيه ويندمجان فيه اندماج الضعيف في الشديد ، فلا يعدّان إلّا فعلا واحدا ، بخلاف ما إذا لم يترتّب عليها ، فإنّها تستقلّ حينئذ بنفسها ، وتعدّ مبغوضا مستقلا يترتّب عليها ما أعدّ لها من العقاب وهذا أمر وجدانيّ له نظائر كثيرة في العرف والشرع ، فمن زنى بامرأة لا يحكم عليه باللحاظ الأوّلي إلّا بارتكاب كبيرة واحدة وأنّ سبقه مسّ العورة منها ونحوه ، ولا يقام عليه إلّا حدّ واحد ، بخلاف ما إذا لم يترتّب عليه ؛ فإنّ المسّ وغيره من المقدّمات واللوازم المحرّمة يعاقب عليها ويعزّر ، ولا يجمع عليه في صورة ترتّب الفعل بين الحدّ والتعزير ... إلى أن قال : وهكذا فليكن الحال في التجرّي ، بل الأمر فيه أوضح ، وحيث إنّ المعصية الواقعيّة لا يمكن وقوعها إلّا بالتجرّي ولا ينفكّ عنه اكتفي في العقاب بالعقاب عليها ، وإن كان العقاب أهون لو فرض محالا إمكان الافتراق