بينهما ، كما أنّ الأمر كذلك لو أمكن الزنا بلا مسّ. (١).
لأنّا نقول : ليس الكلام في التجرّي بالمعنى الآلي حتّى يصحّ القياس بالأمثلة المذكورة ؛ فإنّ المعصية الواقعيّة لا يمكن وقوعها بدون التجرّي بالمعنى الآلي وإن كان الداعي للمعصية هو غلبة شقوة النفس ، بل الكلام في التجرّي بالمعنى الاستقلالي بأن يكون قاصدا لعنوان التجرّي على المعصية بالمعنى الاستقلالي زائدا على ما لا بدّ منه في المعصية من التجرّى بالمعنى الآلي. ولا ريب في أنّ قياس المقام حينئذ بالأمثلة المذكورة ليس في محلّه ، بل اللازم هو قياسه بما إذا زنى ومسّ زائدا على الزنا بمواضع اخرى من بدنها واستمتع منها ؛ إذ لا إشكال حينئذ في تعدّد السبب واستحقاق العقوبة.
فإذا أتى بالمعصية مع قصد التجرّي على المعصية باللحاظ الاستقلالي اجتمع فيه سببان أحدهما هو المخالفة مع الأمر أو النهي الواقعيّين عن عمد واختيار ، وثانيهما قصد التجرّي على المعصية باللحاظ الاستقلاليّ.
إن قلت : إنّ التجرّي على المعصية متّحد مع الفعل ؛ إذ ليس التجرّي هو العزم والقصد ، بل هو الفعل المتجرّى به على مقتضى ما مرّ في حقيقة التجرّي.
قلت : ليس التجرّي هو الفعل المجرّد عن العزم ، كما أنّه ليس هو العزم المجرّد ، بل التجرّي هو العزم المتعقّب بالفعل الخارجي. ومن المعلوم أنّ عنوان التجرّي بالمعنى المذكور مغاير مع الفعل المخالف للأمر أو النهي ، ومقتضى المغايرة هو تعدّدهما ، ومقتضى تعدّدهما هو تعدّد استحقاق العقوبة.
وممّا ذكر يظهر ما في المحكيّ عن صاحب الفصول من أنّ التحقيق أنّ التجرّي
__________________
(١) الوقاية : ٤٦١ ـ ٤٦٢.