على المعصية أيضا معصية ، لكنّه إن صادفها تداخلا وعدّا معصية واحدة. (١)
إذ مع الاعتراف بتعدّد الأسباب لاستحقاق العقوبة وهو المعصية والتجرّي على المعصية لا مجال لدعوى تداخل السببين في صورة المصادفة ؛ لما عرفت من مغايرتهما وإمكان تفكيكهما ، فإنّ التجرّي هو العزم المتعقّب بالفعل ، وهو مغاير مع المعصية التي هي نفس الفعل المخالف لأمر المولى أو نهيه من دون تقيّده بالعزم على المعصية بالمعنى الاستقلالي وإن لم يخل كلّ معصية عن العزم على المعصية بالمعنى الحرفي ، والتداخل هو العزم على الوجه الثانى لا على الوجه الأوّل.
وقد انقدح ممّا ذكر ما في الكفاية في مقام الإشكال على صاحب الفصول أيضا حيث ذهب إلى وحدة السبب لاستحقاق العقوبة في المعصية الحقيقيّة ، وهو هتك واحد ، وأنكر استحقاق عقابين متداخلين ؛ لضرورة أنّ المعصية الواحدة لا توجب إلّا عقوبة واحدة ، وقال : لا وجه لتداخلهما على تقدير استحقاقهما وذكر أنّه لا منشأ لتوهّم تداخلهما إلّا بداهة أنّه ليس في معصية واحدة إلّا عقوبة واحدة ، مع الغفلة عن أنّ وحدة المسبّب تكشف بنحو الإنّ عن وحدة السبب. (٢)
وذلك لما عرفت من تعدّد السبب لاستحقاق العقوبة إذا عصى وقصد عنوان المعصية باللحاظ الاستقلالي ، إذ المخالفة مع الأمر ونهي المولى هتك بنفسه والتجرّي على المعصية وقصد عنوان المعصية هتك آخر ، ومع تعدّدهما يتعدّد سبب الاستحقاق ، فلا وجه لإنكار تعدّد السبب فيما إذا عصى وقصد عنوان المعصية باللحاظ الاستقلالي. نعم ، إنكاره لتداخل السببين في محلّه ؛ إذ مع تعدّدهما وإمكان تكرّر الاستحقاق لا وجه للتداخل ، كما عرفت ذلك عند نقل كلام صاحب الفصول.
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٧.
(٢) الكفاية ٢ : ١٨.