مقدارها ونوعها فلا سبيل للعقل بالنسبة إليه ، بل هو موكول إلى الشرع الأنور ولذلك قال ؛ في الوقاية : لا يذهب عليك أنّ الذي يحكم به العقل هو استحقاق العقاب في الجملة ، لا خصوص العقاب المقرّر لما قطع به ، فلا يلزمنا القول باستحقاق العقاب على التجرّي تعيين خصوص العقاب المقرّر لشرب الخمر مثلا ، فمن الممكن أن لا يعاقب عقاب شرب الخمر في الآخرة ، كما لا يحدّ حدّ شربها في الدنيا ، والعقل بمعزل عن تعيين نوع العقاب ومقداره في المعصية الواقعيّة فضلا عن غيرها ، وهو فيهما تابع للجعل.
ولكن لا شكّ في كونه تابعا لها (المعصية) في الشدّة والضعف ، فالتجرّي على الزنا بالمرأة الخليّة أشدّ من التجرّي بالقبلة وأضعف من التجرّي على الزنا بالمحصنة. (١)
فالعقل حاكم باستحقاق العقوبة في التجرّي كما يكون حاكما في المعاصي الواقعيّة باستحقاقها ، وأمّا نوع العقوبة أو مقدارها فهو موكول إلى تعيين الشارع. نعم يحكم العقل بالشدّة والضعف تبعا للمعصية حسب ما ورد في كونها منقسمة إلى الصغيرة والكبيرة وأكبر الكبائر وتضاعفها بحسب الزمان أو المكان المبارك ، فتدبّر جيّدا.
التنبيه التاسع :
أنّه ذهب في محكيّ الفصول إلى ما محصّله : التفصيل في التجرّي بين القطع بحرمة شيء غير واجب واقعا وبين القطع بحرمة واجب غير مشروط بقصد القربة.
فرجّح العقاب في الأوّل ونفى البعد عن عدم العقاب في الثاني مطلقا أو في بعض الموارد ؛ نظرا إلى معارضة الجهة الواقعية للجهة الظاهريّة ، وعلل بأنّ قبح
__________________
(١) الوقاية : ٤٥٨.