الامتثال ؛ لأنّ لازم صرف الوجود أو مطلق الوجود هو تحقّق الطبيعة أو اسم الجنس بفرد ما ، ولازم نقيضه هو انتفاء الطبيعة أو اسم الجنس بانتفاء جميع أفرادهما.
بل يمكن أن يقال : إنّ دلالة نفي الطبيعة واسم الجنس على الاستغراق والتعميم مقدّمة رتبة على مقدّمات الحكمة ؛ لتأخّر الحكم عن الموضوع ، وتأخّر جريان المقدّمات عن الحكم المترتّب على الموضوع ، فالمقدّمات متأخّرة عن الموضوع ، فلا يعقل توقّف دلالة نفي الطبيعة واسم الجنس على جريان المقدّمات في الرتبة المتقدّمة عليه برتبتين.
ثمّ إنّ النكرة إذا وقعت في سياق النفي أو النهي خرجت عن كونها نكرة ، واستعملت بمنزلة الطبيعة ، فيترتّب عليها ما يترتّب على الطبيعة ، فلا مجال للأخذ بمقدّمات الحكمة فيها أيضا كما لا يخفى.
الأمر الثامن : في أنّ اللام في الجمع هل تفيد العموم أو لا؟
يمكن أن يقال : إنّ الأصل في اللام أن تكون للتعريف والعهديّة ، سواء كانت ذكريّة أو خارجيّة مستفادة من القرائن.
فإذا كانت اللام موضوعة للتعريف ودخلت على الجمع أفادت تعريفه ، وتعريف الجمع يدلّ بالدلالة العقليّة على الاستغراق ؛ إذ لا تعيّن إلّا لتلك المرتبة ـ يعني جميع الأفراد ـ دون سائر المراتب.
لا يقال : إنّ تلك المرتبة وإن كانت متعيّنة في الواقع ، ولكنّ التعيّن أيضا ثابت لأقلّ مرتبة الجمع ، ولا دليل على تقدّم أحد المتعيّنين.
لأنا نقول : إنّ الثلاثة ـ التي هي أقلّ مرتبة الجمع ـ تصدق في الخارج على الأفراد الكثيرة ، ولها مصاديق متعدّدة فيه ، كهذه الثلاثة وتلك الثلاثة وغيرهما ، إذن فالمرتبة الأخيرة متعيّنة دون غيرها.