زىّ العبوديّة.
التنبيه الرابع : أنّه لو وجد مؤمّنا ، واستند إليه في ارتكاب المشتبه كان معذورا ، سواء طابق المؤمّن للواقع ، أو لم يطابق ، لأنّه اعتمد على الحجّة. وأمّا إذا لم يستند إلى الحجّة وارتكب المشتبه برجاء مصادفة الحرام ، فلو لم يصادف فهو من مصاديق التجرّي ، وإن صادف الحرام فهو عاص حقيقة ، ومطابقة عمله مع المؤمّن من دون استناد إليه لا يكفي في صحّة الاعتذار بالنسبة إلى ارتكاب الحرام.
التنبيه الخامس : أنّ العقل حاكم باستحقاق العقوبة عند مخالفة أوامر الله تعالى ونواهيه ، لأنّ المخالفة هتك لحرمة المولى ، وخروج عن زيّ العبوديّة ، ولكن لا حكم له باستحقاق المثوبة بالنسبة إلى موافقة أوامر الله تعالى ونواهيه ، لأنّ الموافقة من أداء الوظيفة ، كما أنّ إطاعة المملوك لمولاه لا يوجب استحقاق المثوبة ، لأنّه أتى بوظيفته. نعم غاية الأمر ، أنّ العبد يصير بذلك لائقا للتفضّل من مولاه ، ومقتضى ما ذكر هو حكم العقل باستحقاق العقوبة في التجرّي دون الانقياد وان حكم بلياقة المنقاد للتفضّل فلا تغفل.
التنبيه السادس : أنّ حكم التجرّي يختلف شدّة وضعفا ، مع اتّحاد المتجرّى به من ناحية اختلاف حال المتجرّي ، ومن ناحية اختلاف المنجّز احتمالا ، وظنّا وعلما.
فالتجرّي من العالم أو الشيخ المسنّ ، أشدّ من الجاهل أو الشابّ ، والمتجري مع الشك أقوى من التجرّي مع الاحتمال الضعيف ، وأضعف من الظّنّ ، إلّا إذا كان المتجرّى به مختلفا ، فيمكن أن يكون الإقدام الاحتمالي أشدّ من الإقدام الظنّي ، فالتجرّي بالإقدام الاحتماليّ على قتل المؤمن ، أشدّ من الإقدام الظنّيّ على قتل حيوان محترم كما لا يخفى.
التنبيه السابع : أنّه إذا عصى العبد مولاه بسبب غلبة شقوته ، استحقّ العقوبة بنفس المخالفة ، لصدق الهتك بالنسبة إلى مولاه ، وإن لم يقصد الهتك