اللحاظ الآخر الاستقلالي ، فيكون مثله في دخله في الموضوع وترتيب ما له عليه من الحكم الشرعي ... إلى أن قال : ظهوره في أنّه بحسب اللحاظ الآلي ممّا لا ريب فيه ، وإنّما يحتاج تنزيله بحسب اللحاظ الأخر الاستقلالي من نصب دلالة عليه ... إلى أن قال : فتلخص ممّا ذكرنا إنّ الأمارة لا تقوم بدليل اعتبارها إلّا مقام ما ليس مأخوذا في الموضوع أصلا. (١)
وفيه :
أوّلا ـ كما أفاد سيّدنا الامام المجاهد قدسسره ـ أنّ الامتناع ممنوع ؛ لأنّ نظر القاطع والظانّ إلى المقطوع به وإن كان استقلاليّا وإلى قطعه وظنّه آليّا إلّا أنّ الجاعل والمنزّل ليس نفس القاطع حتّى يجتمع ما ادّعاه من الامتناع ، بل المنزّل غير القاطع ، فإنّ الشارع ينظر إلى قطع القاطع وظنّه ويلاحظ كلّ واحد استقلالا واسميّا وينزّل كلّ واحد منزلة الاخرى ، فكلّ واحد من القطع والظنّ وإن كان ملحوظا في نظر القاطع والظانّ على نحو الآليّة إلّا أنّ في نظر الشارع والحاكم ملحوظ استقلالا ، والشارع يلاحظ ما هو ملحوظ آليّ للغير عند التنزيل على نحو الاسميّة والاستقلال ويكون نظره إلى واقع المقطوع به المظنون بهذا القطع والظنّ وإلى نفس القطع والظنّ في عرض واحد بنحو الاستقلال
فما ذكره صاحب الكفاية من الامتناع من باب اشتباه اللاحظين فإنّ الحاكم المنزّل للظنّ منزلة القطع لم يكن نظره إلى القطع والظن آليّا بل نظره استقلاليّ قضاء لحقّ التنزيل ، كما أنّ نظره إلى المقطوع به والمظنون استقلاليّ. (٢)
وثانيا : أنّه لا حاجة إلى التنزيلين حتّى يستلزم المحذور المذكور ؛ فإنّ القطع إن
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٢١.
(٢) تهذيب الاصول ٢ : ٣٣ ـ ٣٤.