لوحظ موضوعا بعنوان أنّه صفة خاصّة كسائر الصفات أو بعنوان كونه كشفا تامّا ـ كما ـ في مثل إن قطعت بشيء يجب عليك الشهادة عليه ـ فلا يقوم مقامه سائر الأمارات والاصول ؛ لعدم إفادتها هذه الصفة أو الكشف التامّ ، والمفروض هو دخالة هذه الصفة أو الكشف التامّ في الموضوع كما لا يخفى.
وإن لوحظ موضوعا بعنوان أنّه أحد مصاديق الطريق المعتبر إلى الواقع فلا مانع من قيام الأمارات وبعض الاصول المحرزة كالاستصحاب مقام القطع ؛ لأنّ المفروض أنّ الذي هو له الدخالة هو الطريق ، والأمارات وبعض الأصول تكون طريقا إلى الواقع وذكر القطع في الموضوع أو الغاية لا خصوصيّة فيه ، بل يكون من باب كونه أفضل الأفراد وأتمّها ، كما هو الظاهر في مثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» فإنّ المراد من قوله عليهالسلام «حتّى تعلم» : حتّى يقوم طريق معتبر على أنّه قذر ؛ ولذا يكتفى في ترتيب أثر القذر بشهادة العدلين أو عدل واحد مع أنّهما لا يفيدان العلم ، وليس ذلك إلّا لكون ذكر العلم من باب كونه أفضل الأفراد وأتمّها من الطرق من دون خصوصيّة فيه ، فلا تغفل.
فاللازم هو اعتبار الطريق ، وهو حاصل بتنزيل المؤدّى منزلة الواقع من دون حاجة إلى تنزيل الظنّ بمنزلة القطع حتّى يلزم المحذور المذكور. ولقد أفاد وأجاد في الدرر في بيان ذلك حيث قال :
ثم اعلم أنّ القطع المأخوذ في الموضوع يتصوّر على أقسام : أحدها : أن يكون تمام الموضوع للحكم ، والثاني : أن يكون جزءا للموضوع بمعنى أنّ الموضوع المتعلّق للحكم هو الشيء مع كونه مقطوعا به. وعلى أيّ حال إمّا أن يكون القطع المأخوذ في الموضوع ملحوظا على أنّه صفة خاصّة ، وإمّا أن يكون ملحوظا على أنّه طريق إلى متعلّقه. والمراد من كونه ملحوظا على أنّه صفة خاصّة ملاحظته من حيث إنّه كشف تامّ ، ومن كونه ملحوظا على أنّه طريق ملاحظته من حيث إنّه أحد مصاديق الطريق