المعتبر ، وبعبارة اخرى : ملاحظة الجامع بين القطع وسائر الطرق المعتبرة
فعلى هذا يصحّ أن يقال في الثمرة بينهما : إنّه على الأوّل لا يقوم سائر الأمارات والأصول مقامه بواسطة الأدلّة العامّة لحجّيّتها ، أمّا غير الاستصحاب من الاصول فواضح ، وأمّا الاستصحاب وسائر الأمارات المعتبرة فلأنّها بواسطة أدلّة اعتبارها توجب إثبات الواقع تعبّدا ، ولا يكفي مجرّد الواقع فيما نحن فيه ؛ لأنّ للقطع بمعنى الكشف التامّ دخلا في الحكم إمّا لكونه تمام الملاك وإمّا لكونه ممّا يتمّ به الموضوع ، وعلى الثاني فقيام الأمارات المعتبرة وكذا مثل الاستصحاب لكونه ناظرا إلى الواقع في الجملة ممّا لا مانع منه ، لأنّه فيما يكون القطع على هذا المعنى تمام الموضوع. ففي صورة قيام إحدى الأمارات أو الاستصحاب يتحقّق مصداق ما هو الموضوع حقيقة.
وفيما يكون المعتبر هو الواقع المقطوع ، فالواقع يتحقّق بدليل الحجّيّة تعبّدا والجزء الآخر وجدانا ؛ لأنّ المفروض عدم ملاحظة القطع في الموضوع من حيث كونه كشفا تامّا بل من حيث إنّه طريق معتبر ، وقد تحقّق مصداقه قطعا ... إلى أن قال : وحاصل الجواب أنّه بعد ما فرضنا اعتبار العلم طريقا بالمعنى الذي سبق ، فأدلّة حجّيّة الأمارة أو الاستصحاب وإن لم تتعرّض إلّا تنزيل المؤدّى منزلة الواقع تكفي في قيام كلّ منهما مقام العلم ؛ لإحراز الموضوع المقيّد بعضه بالتعبّد وبعضه بالوجدان كما عرفت. (١)
وأورد عليه المحقّق الاصفهاني بأنّه لا ريب أنّ للقطع جهات عديدة :
منها أنّه عرض ، فلو اعتبر في موضوع الحكم بهذا الاعتبار كان سائر الأعراض حالها حاله.
ومنها أنّه من مقولة الكيف ، وحينئذ يشاركه جميع أنواع مقولة الكيف إذا
__________________
(١) الدرر : ٣٣٠ ـ ٣٣٣.