واليقين في مقام العمل ، وهذا أمر يستفاد من عموم أدلّة حجّيّة الأمارات من دون حاجة إلى تنزيل الظّنّ بمنزلة القطع ، إذ بعموم الأدلّة تكون الأمارة من الطرق المعتبرة التي يحرز بها الواقع ، وبهذه الأمارة يتحقّق مصداق موضوع الأحكام الّتي تترتّب فيها الحكم على ما يقوم عليه الطريق المعتبر ، لأنّ الأمارة طريقة معتبرة أيضا.
نعم لو أخذ القطع في موضوع حكم بنحو الصفتيّة أي بنحو يكون للكشف التامّ دخالة فيه فلا تقوم أمارة مقامه بأدلّة اعتبارها ، إذ لا تفيد الأمارة كشفا تامّا والمفروض دخالة الكشف التامّ في تحقّق الموضوع. ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون القطع تمام الموضوع أو جزئه فلا تغفل.
المقام الثاني : في قيام الاصول مقام القطع.
ولا يخفى أنّ الاصول على قسمين : محرزة وغير محرزة.
أما الاولى ، فهي ناظرة إلى الواقع ، كالاستصحاب وقاعدة الفراغ ، وقاعدة عدم اعتبار شكّ كثير الشكّ ، وقاعدة عدم اعتبار شكّ الإمام والمأموم مع حفظ الآخر ، وغير ذلك من الاصول المحرزة الّتي جعلها الشارع محرزة للواقع. إذ النظر في الاستصحاب إلى اليقين السابق في إحراز الواقع وفي قاعدة الفراغ يكون النظر إلى ارتكاز الفاعل حين العمل على إتيانه بنحو كامل ، والنظر في شكّ الإمام والمأموم إلى حفظ كلّ واحد بالنسبة إلى الآخر في إحراز الواقع.
والنظر في شكّ كثير الشكّ إلى حفظ المتعارف من الناس في إحراز الواقع ، وهكذا وبالجملة هذه الاصول محرزة تعبّدا وتقوم مقام القطع الطريقي المجرّد ، أو المأخوذ في الموضوع بالشرح المذكور في قيام الأمارات مقام القطع ، وهو أنّ القطع معتبر من باب أنّه أحد الطرق من دون دخالة لوصف القطع ، أو تماميّة الكشف ، فالمعتبر هو الطريق المعتبر ، ومقتضى ذلك هو قيام الاصول المحرزة مقام القطع بعد اعتبارها لكونه من الطرق المعتبرة.