نعم هذا غير الإطلاق الذي يحتاج إلى المقدّمات ويكون بعد تمامها حجّة ؛ لأنّ هذا الاطلاق مستفاد من البرهان لا المقدّمات ، وهو ما عرفت من استلزام المحال لو اختصّ بالعالمين ، وخلاف الضرورة لو اختصّ بالجهّال ، وعدم معقوليّة الإهمال.
وثالثا : أنّ عدم الإعادة فيما لو خافت في موضع الجهر أو جهر في موضع المخافتة أو أتمّ في موضع القصر أو قصّر في موضع التمام لا يتوقّف على الالتزام بما ذكره من الاختصاص ، بل يحتمل أن يكون عدم الإعادة من باب التقبّل والتخفيف أو من باب عدم قابليّة المحلّ للقضاء والإعادة بعد الإتيان بما كان خلاف الوظيفة ، وله نظائر في التكوين.
ورابعا : أنّ توصيف الإطلاق والتقييد باللحاظي مع القول بأنّ تقابلهما تقابل العدم والملكة جمع بين أمرين متنافيين ؛ لأنّ الإطلاق على هذا متقوّم باللحاظ كالتقييد ، واللحاظان أمران وجوديّان لا يجتمعان في مورد واحد فيصير التقابل بينهما تقابل التضادّ لا العدم والملكة.
نعم لو قلنا بما أوضحناه في محلّه من عدم تقوّم الإطلاق باللحاظ وأنّه لا يحتاج إلى لحاظ السريان بل هو متقوّم بعدم لحاظ شيء في موضوع الحكم مع كون المتكلّم في مقام البيان
يرد عليه إشكال آخر : وهو أنّ امتناع الإطلاق حينئذ ممنوع ، فيصير ما ادّعاه من أنّه كلّما امتنع التقييد امتنع الإطلاق قولا بلا برهان. والحقّ أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة أو شبه ذلك التقابل ، لكن لا يترتّب عليه ما رتّبه من إنكار مطلق الإطلاق في الأدلّة الشرعيّة حتّى احتاج إلى دعوى الإجماع والضرورة ؛ لاشتراك التكليف بين العالم والجاهل. (١)
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٢٨ ـ ٣١.