الموضوع بعد رجوع تعدّد الإرادتين إلى الإرادة الأكيدة والحكمين إلى تأكّد الحكم والداعي.
وعليه فما حكي عن سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من التفصيل المذكور منظور فيه ، حيث قال ـ على ما هو المحكيّ ـ : والحقّ هو التفصيل بين ما إذا كان القطع تمام الموضوع فاجتماع المثلين أو الضدّين ممكن ؛ لأنّ موضوع حكم المتعلّق هو عنوان الخمر أو الصلاة وموضوع الحكم المماثل أو المضادّ هو القطع بهما ، وهما عنوانان متغايران ، لكن بينهما عموم من وجه ، ولا يستلزم ذلك اجتماع المثلين أو الضدّين في موضوع واحد ؛ لتعدّد العنوانين في عالم العنوانيّة. وأمّا في الخارج فهما وإن تصادقا في مورد الاجتماع ، لكنّ الخارج ليس متعلّقا للحكم كما تقدّم بيانه في باب اجتماع الأمر والنهي.
وبين ما إذا كان القطع جزء الموضوع فالحق هو عدم الإمكان ، فإنّه لا يمكن حرمة طبيعة الخمر وحرمة الطبيعة المقيّدة بالقطع بها أو حلّيتها ؛ لأنّ المقيّد عين المطلق بزيادة فيه إليها ، وليس عنوانين متغايرين على وجه الطريقية (١).
وذلك لما عرفت من إمكان التأكّد في الصورتين ، وفي مورد الاجتماع يؤول الخطابان إلى التأكّد في الحكم سواء كان القطع تمام الموضوع أو جزء الموضوع ؛ لأنّ الملاك في مورد الاجتماع أقوى منه في مورد الافتراق.
ويمكن الجواب عن الثاني بأنّ التأكيد حاصل من تصادق العنوانين على مورد الاجتماع سواء كان من قبيل العموم من وجه أو العموم المطلق وتوجّه الطلبين إلى مورد الاجتماع يوجب تأكّد الحكم والطلب ، ولا يلزم فى التأكّد إمكان الحركة والاشتداد ، بل يكفيه تراكم الطلب ، بل لا يلزم في التأكّد شدّة الطلب ، بل تعدّد الطلبين
__________________
(١) تنقيح الاصول ٣ : ٣٩.